المتقدمين،
بل من كبار المتقدمين الذين واجهوا الجهمية، ولذلك نرى ابن تيمية يخفف لهجته في
نقد الصوفية الأوائل، بناء على أن بعضهم أو الكثير منهم كان حنبليا، أو كان له
موقف من الجهمية.
ومن أشهر
الأمثلة على ذلك نموذج يعظمه السلفية كثيرا، لموقفه المتشدد من الأشاعرة.. ولكنهم
في نفس الوقت وبناء على مواقفهم من الصوفية لا يجدون إلا أن يكفروه.. فهم
يستعملونه ويكفرونه.. مثلما يستعملون ابن حجر والنووي وابن الجوزي والشاطبي وابن العربي
والمازري لضرب الطوائف المختلفة.. ثم يرموهم بعد ذلك في جهنم تكفيرهم.
وهذا النموذج هو أبو إسماعيل الأنصاري الهروي
صاحب كتاب: [منازل السائرين] الذي شرحه ابن القيم في مدارج السالكين، وهم يعظمونه
وينقلون عنه مواقفهم من الجهمية والأشاعرة، مثلما فعل الحافظ الذهبي في كتابه العلو[1].
وهو صاحب [كتاب ذم الكلام وأهله]،
وهو أشهر كتبه، وقد نقل منه ابن تيمية نصوصا كثيرة في رسالته التسعينية، التي هي
عبارة عن كتاب يتضمن تسعين وجها في نقض مذهب الأشاعرة، وخاصة في مسألة الكلام
والقرآن.
وله كتاب [الفاروق في صفات الله
سبحانه وتعالى]، والذي جرى فيه على منهج السلفية، ولذلك يعجبون به كثيرا،
ويعتبرونه على أساسها من سلفهم.
قال الذهبي في ترجمة الإمام
أبي إسماعيل عبدالله بن محمد بن علي الأنصاري الهرروي: (ولقد بالغ أبو إسماعيل في
ذم الكلام على الاتباع فأجاد، ولكنه له نفس عجيب لا يشبه أئمة السلف في كتابه [منازل
السائرين]، ففيه أشياء مطربة، وفيه أشياء