وتأكيدا لهذا الوصف الدقيق الذي ذكره
الشيخ حسن بن فرحان المالكي للتاريخ الحنبلي، والذي يدل عليه كل التراث الحنبلي، سأنقل
هنا وصفا من كتاب علمي أكاديمي أرخ فيه صاحبه لنجد وحنابلتها في الوقت الذي ظهر
فيه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو يبين بوضوح أن السيطرة في المذهب الحنبلي كانت
للجناح الذي اختارته الأمة جميعا: التنزيه في العقائد على منهج المتكلمين،
والتربية الروحية على منهج الصوفية.
وبذلك فإن المدرسة الحنبلية في
الحقيقة لم تكن تختلف كثيرا عن سائر المدارس الإسلامية، وخاصة في مواقفها
التنزيهية أو التبرك بالأولياء وزيارة القبور ونحوها، ولهذا بدأ تكفير ابن عبد
الوهاب وتلاميذه للأمة من تكفيره للحنابلة المعاصرين له ومن قبلهم.
والكتاب بعنوان [مسائل
الاعتقاد عند علماء نجد قبل الدعوة الإصلاحية: خلال القرن العاشر والحادي عشر
والثاني عشر] من تأليف د. عبدالعزيز بن محمد بن علي آل عبداللطيف، وهو أستاذ مشارك
بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وقد قال الكاتب في مقدمة
كتابه: (هذا بحث يهدف إلى جمع آراء علماء نجد في مسائل الاعتقاد قبل الدعوة
الإصلاحية، وخلال القرن العاشر والحادي عشر والثاني عشر الهجري، وتبرز أهمية هذا
البحث بأن الواقع العقدي لبلاد نجد قبل الدعوة لم يأخذ حظّه من الدراسة والتحرير،
وإن وُجدت دراسات فهي تقتصر على الجانب التاريخي فحسب، وقد يخفى على الكثير أن
المسالك الكلامية وطرائق الصوفية قد غشيت بلاد نجد – كما هو مذكور في هذا البحث- فلا يزال واقع نجد قبل الدعوة محل
اختزال عند بعض الباحثين، كما أن هذا الواقع وما يحتمله من الذم أو المدح هو محل
جدل ونقاش بين الباحثين المعاصرين، ففريق يغرق في ذم هذا الواقع، ويعمم في قدحه،
وآخر يقلص