بل قد نقلوا
إجماع الأمة على ذلك، وهو يدل على أنهم لا يعتبرون الأمة غيرهم.. فمن عداهم من
الأمة من المتكلمين والصوفية وغيرهم من المنزهة لا يعتبرونهم ـ بسبب عدم قولهم
بالجهة ـ من هذه الأمة، فضلا عن اعتبارهم من أهل السنة.
يقول أحد
متقدميهم، وهو قتيبة بن سعيد (150-240 هـ): (هذا قول الائمة في الإسلام والسنة
والجماعة: نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه، كما قال جل جلاله:الرحمن على
العرش استوى)، وقد علق عليه الذهبي بقوله: (فهذا قتيبة في إمامته وصدقه قد نقل
الإجماع على المسألة، وقد لقي مالكا والليث وحماد بن زيد، والكبار وعمر دهرا
وازدحم الحفاظ على بابه)[1]
وقال ابن بطة
العكبري (304-387 هـ) في كتابه المشهور [الإبانة عن شريعة الفرقة والناجية]: (باب
الإيمان بأن الله على عرشه بائن من خلقه وعلمه محيط بخلقه: أجمع المسلمون من
الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله تبارك وتعالى على عرشه فوق
سمواته بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه، ولا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل
مذاهب الحلولية وهم قوم زاغت قلوبهم واستهوتهم الشياطين فمرقوا من الدين وقالوا:
إن الله ذاته لا يخلو منه مكان)[2]
وهكذا فإنهم
يعتبرون كل من يخالفهم في هذا حلوليا زائغا مارقا من الدين، حتى لو كان يستند في
هذا إلى ما نص عليه القرآن الكريم من استحالة الجهة والمكان لله كما قال تعالى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى
ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا
أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا
ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [المجادلة: 7]، وقال: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ