وزلاته وأفاض في الردّ
عليها.. وقد ذكرتَ حفظك الله كثيراً من هناته التي خرق بها الإجماع، وصادم بها
المعقول والمنقول، وبينت مراجعها من كتبه وكتب تلميذه ابن القيم، ولا معنى
للمكابرة في ذلك بعد رسائله في العقائد المطبوعة في آخر فتاويه، وبعد ما قرره في
مواضع من منهاج السنة وموافقة المعقول والمنقول ورسائله الكبرى إلى غير ذلك من
مؤلفاته فقد كان سامحه الله مولعاً بنشر تلك الآراء الشاذة والعقائد الضالة كلما
سنحت فرصة لتقرير معتقده الذي ملك عليه مشاعره حتى أصبح عنده هو الدين كله، على ما
فيه من جمود وحجود وخلط وخبط! وكذلك تلميذه ابن القيم رحمه الله كان مستهتراً بما
جُنّ به شيخه من تلك الآراء المنحرفة، فكان دائماً يرمي إليها عن قرب أو بعد حتى
إنه في كتاب (الروح ) الكثير الفوائد التي تلطف الأرواح لم ينس ما شغف به من تلك
المقالات الحمقاء) [1]
ثم قال ملخصا كل ما ذكره من
مثالب ابن تيمية: (إن ابن تيمية في رأيي لا يصح أن يكون إماماً لأن الإمامة الحقة
لا ينالها من يُقدّس نفسه هذا التقديس، فإنه إذا قدّس نفسه كان متبعاً لآرائها،
غير متهم لها، فكان سائراً مع أهوائها، غير منحرف عنها، ومن اتبع هواه ضل عن سبيل
الله من حيث يدري أولا يدري، ومن قدّس نفسه لم يتبع سبيل المؤمنين شاء أم أبى..
وقد أدى ذلك العالم الكبير ابن تيمية، بسرعته –ولا نقول طيشه– إلى أن يجازف فيقول: (لم يرد ذكر
إبراهيم وآل إبراهيم، في رواية من الروايات الواردة في الصلاة على النبي k، مع أن ذلك في البخاري وهو يحفظه..
وقد أنكـر حديث الزيـارة وهو صحيح كما أوضح السبكي في (شفاء السقام ) إلى غير ذلك،
مع أنه من الحُفّاظ، وأشهر شيء من مزاياه هو أنه محدث، ولكنه التسرع يُذهب من
النفس رشدها،
[1]
السلفية المعاصرة إلى أين ؟ ، محمد
زكي إبراهيم، ص 88.