وبما أن
المدارس الفقهية ارتبطت بالمدارس العقدية التي كفرها السلفية، فإن التكفير صار
يشملها أيضا، فلم يستثن من ذلك إلا المتقدمون من أصحاب المذاهب الذين وقع الخلاف
في بعضهم.
يقول الحافظ
تاج الدين السبكي في كتابه [معيد النعم ومبيد النقم] عن علاقة أكثر المذاهب
الفقهية بالمدرسة الأشعرية: (وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة،
ولله الحمد في العقائد يد واحدة، كلهم على رأي أهل السنة والجماعة، يدينون الله
تعالى بطريق شيخ السنة والجماعة أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى، لا يحيد عنها
إلا رعاع من الحنفية والشافعية لحقوا بأهل الإعتزال ورعاع من الحنابلة لحقوا بأهل
التجسيم، وبرّأ الله المالكية فلم نر مالكيا إلا أشعري عقيدة، وبالجملة عقيدة
الأشعرية هي ما تضمّنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول
ورضوها عقيدة)[1]
وكل مقولات هؤلاء ترجع
للتنزيه المحض الذي يسميه السلفية تجهما وتعطيلا، كما قال ابن عساكر معبرا عنهم: (فإنهم
– يعني الأشاعرة – بحمد الله ليسوا معتزلة، ولا نفاة لصفات الله معطلة، لكنهم يثبتون له سبحانه ما أثبته لنفسه من الصفات، ويصفونه بما اتصف به في محكم الآيات، وبما
وصفه به نبيّه ‘ في صحيح الروايات وينزهونه عن سمات النقص والآفات، فإذا وجدوا من يقول بالتجسيم أو التكييف من المجسمة والمشبهة، ولقوا من يصفه بصفات المحدثات من القائلين بالحدود والجهة فحينئذ يسلكون طريق التأويل، ويثبتون تنزيهه تعالى بأوضح الدليل، ويبالغون في
إثبات التقديس له والتنزيه خوفاً من وقوع من لا يعلم في ظُلم التشبيه، فإذا أمنوا
من ذلك رأوا