لكن أن نتكلف في ربط آيات
القرآن بما نشاهده في عالمنا أو بما يستجد من مخترعات، فهذا خطأ شنيع يرتكب في حق
تفسير كلام الله، وكون المرء يقول المراد بالأوتاد هي الأهرامات، كأنه يقول ربنا
جل في علاه يقصد هذا ويريد هذا، فالكلام في التفسير دقيقٌ جداً وخطرٌ جداً. وقد
جنح لمثل ذلك بعض المفسرين من المتأخرين فأصبحوا يتكلفون في ربط القرآن بالظواهر
الكونية والطبيعية والمخترعات الحديثة، وفاتهم أن المقصود الأعظم من الكتاب العزيز
أنه كتاب هداية، وتشريع، لا كتاب فلك)[1]
وما دمتم تؤمنون بهذا ـ يا
معشر السلفية ـ فلم تملؤون تفاسيركم بتلك الأقوال الشنيعة من كلام سلفكم.. وهي لا
تتناقض فقط مع جلالة القرآن، وإنما تتناقض أيضا مع كل العقول، وكل العلوم؟
المأخذ الثالث: رد الأحاديث الصحيحة والطعن في الرواة.
ومن المآخذ الكبرى والخطيرة
التي وصم بها الشلهوب المعتزلة القدامى والجدد ما سماه [رد الأحاديث الصحيحة والطعن في الرواة]، ذلك أن المستند الأكبر لكل
البنيان السلفي هو أولئك الرجال الذين قدموهم على كل شيء.. على العقل والنقل وكل
شيء.. وأعطوهم حصانة خاصة، فلذلك يشكل نقدهم أو التعرض لهم أكبر مهدد للبنيان
السلفي.. ولهذا وقفوا بشدة مع كل من تسول له نفسه استعمال العقل والمنطق في تحليل
أمثال تلك الشخصيات، أو وزنها بالموازين الشرعية، لأن الموازين الشرعية خاصة
بالخلف لا بالسلف.
وقد ذكر الشلهوب أنواع
التحريفات التي فعلها سلفه بالحديث وألصقها كما هي بمن يسميهم المعتزلة القدامى
والجدد[2]، فقال: (وقف (أهل الأهواء)
العقلانيون –
[1]
المشابهة بين المعتزلة الأوائل
والمعتزلة الجدد، ص15.
[2]
كما شرحنا ذلك بتفصيل في كتابي [هكذا
يفكر العقل السلفي]، و[التراث السلفي تحت المجهر]