السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم
التام والعلم الصحيح والعمل الصالح.. وإذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين، كمجاهد ابن جبر، فإنه كان آية في التفسير.. فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام)[1]
ثم علق على هذا بقوله: (والعقلانيون
القدماء، وأصحاب المدرسة الحديثة، والعقلانيون الجدد سلكوا في تفسير القرآن خلاف
منهج السلف وطريقتهم، فقدموا عقولهم واعتقدوا أولاً، ثم ذهبوا يحرفون الكلم عن
مواضعه تارة، ويلوون أعناق النصوص تارة أخرى حتى توافق ما اعتقدوه بعقولهم وآرائهم)[2]
ثم استند في هذا التعليق بهذا
النص المقدس من كلام ابن تيمية في المعتزلة الأوائل: (والمقصود أن مثل هؤلاء
اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم
بإحسان ولا من أئمة المسلمين لا في رأيهم ولا في تفسيرهم وما من تفسير من تفاسيرهم
الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة)[3]
ومن النماذج التي ضربها
للتفسير المعتزلي الأول، والبعيد عن منهج السلف في تصوره ما فسر به المعتزلة قوله
تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: 22، 23] إلى أن النظر يكون بذلك إلى الثواب لا إلى الله
عز وجل، (أي منتظرة ثواب ربها)[4] وهو مع كونه معنى صحيح في اللغة العربية،
وقال به أئمة اللغة