محمد بن أحمد
المروذي: أيستعان باليهود والنصارى وهما مشركان، ولا يستعان بالجهمي؟ قال: (يا بني
يغتر بهم المسلمون وأولئك لا يغتر بهم المسلمون)[1]
وقد قام
المتوكل بنفس المضايقات التي كان يقوم بها المأمون، والتي يبالغ فيها السلفية،
ويعظمونها تعظيما كبيرا، وبعتبرونها جناية في حق الإسلام نفسه، ولكنهم في نفس
الوقت يثنون على تلك الجرائم التي قام بها المتوكل، ويعتبرونه ناصرا للسنة، لسبب
بسيط، وهو أنهم كانوا شركاءه في تلك الجرائم.
يقول الطبري:
(وقد كان المتوكِّل لمّا أفضت إليه الخلافة، نهى عن الجدال في القرآن وغيره، ونفذت
كتبه بذلك إلى الآفاق، وهمّ بإنزال أحمد بن نصر عن خشبته، فاجتمع الغوغاء والرّعاع
إلى موضع تلك الخشبة وكثروا وتكلّموا، فبلغ ذلك المتوكّل، فوجّه إليهم نصربن
اللّيث، فأخذ منهم نحواً من عشرين رجلاً فضربهم وحبسهم، وترك إنزال جثّة أحمد بن
نصر من خشبته لما بلغه من تكثير العامّة في أمره، وبقي الّذين أُخِذوا بسببه في
الحبس حيناً... فلمّا دفع بدنه إلى أوليائه في الوقت الّذي ذكرت، حمله ابن أخيه
موسى إلى (بغداد) وغسل ودفن وضمّ رأسه إلى بدنه)[2]
وهكذا انتقم
السلفية لما حصل للإمام أحمد وغيره بالتنكيل بكل علماء المعتزلة، يقول الطبري: (وفي
سنة 237 هـ غضب المتوكِّل على ابن أبي دؤاد وأمر بالتّوكيل على ضياع أحمد بن أبي
دؤاد لخمس بقين من صفر، وحبس يوم السبت لثلاث خلون من شهر ربيع الأوّل ابنه أبا
الوليد محمّد بن أحمد بن أبي دؤاد في ديوان الخراج وحبس إخوته عند عبيد الله بن
السريّ خليفة صاحب الشرطة)[3]
[1]
نقلا عن الآداب الشرعية والمنح
المرعية (1/ 256)