234 هـ أشخص
الفقهاء والمحدِّثين، وأمرهم أن يجلسوا للنّاس وأن يحدِّثوا بالأحاديث فيها الردّ
على المعتزلة والجهميّة، وأن يحدِّثوا في الرّؤية، فجلس عثمان بن أبي شيبة فى
مدينة المنصور، ووضع له منبر واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألفاً من الناس، وجلس
أبوبكر بن أبي شيبة في مسجد الرصافة واجتمع عليه نحو من ثلاثين ألفاً)[1]
ومن هنا بدأ
التطرف الشديد للسلفية بسبب ذلك الاستعلاء والكبرياء الذي أعانتهم عليه السلطة
السياسية.. ولذلك راحوا يبالغون في التجسيم، وفي التكفير، ولأبسط المسائل، ومن
يطالع ما كتب في تلك الفترة يرى هذا بوضوح.
وقد ذكرنا في
محل سابق أن المتوكل كان يعتبر السلفية في ذلك الحين مرجعا له يستشيرهم في كل
وظيفة يريد أن يقدم عليها، فقد رووا في ذلك عن أبي علي البلخي قوله: دخلت على أحمد
ابن حنبل، فجاءه رسول الخليفة يسأله عن الاستعانة بأهل الأهواء ـ ويقصدون بهم كل
المخالفين لهم ـ فقال أحمد: لا يستعان بهم، فقال: يستعان باليهود والنصارى ولا
يستعان بهم، فقال: إن النصارى واليهود لا يدعون إلى أديانهم، وأصحاب الأهواء داعية[2].
وروى البيهقي
في [مناقب أحمد] عن محمد بن أحمد بن منصور المروذي أنه استأذن على أحمد بن حنبل،
فأذن له، فجاء أربعة رسل المتوكل يسألونه فقالوا: الجهمية ـ ويقصد بهم في ذلك
الحين المعتزلة ـ يستعان بهم على أمور السلطان قليلها وكثيرها أولى أم اليهود
والنصارى؟ ففقال أحمد:(أما الجهمية فلا يستعان بهم على أمور السلطان قليلها
وكثيرها، وأما اليهود والنصارى فلا بأس أن يستعان بهم في بعض الأمور التي لا
يسلطون فيها على المسلمين حتى لا يكونوا تحت أيديهم، قد استعان بهم السلف)، قال