وهم ينطلقون
في ذكرية لسنية هذه الخصلة اليهودية من حديث لأبي هريرة عن نفسه يقول فيه: (حفظت
من رسول الله k وعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر
فلو بثثته قطع هذا البلعوم)[1]
وفي حديث آخر
عن يزيد بن الأصم، قال: (قيل لأبي هريرة : أكثرت أكثرت، قال : (فلو حدثتكم بكل ما
سمعت من النبي k لرميتموني بالقشع[2]، ولما ناظرتموني )[3]
والعجيب أن
الذين يذكرون هذا عن أبي هريرة هم أنفسهم الذين يذكرون أن من فضلهم وجهادهم، وأنه
لولاهم لضاع الدين.. فكيف ينسجم هذا مع ضياع وعاء كامل من أوعية الدين.. أم أن في
أحاديث رسول الله k ما يستحق ما يروى،
ومنها ما يستحق أن يهمل؟
والعجب الآخر
أنه ـ ومع كون أبي هريرة ـ لم يذكر ذلك الوعاء الذي كتمه إلا أنهم استطاعوا أن
يدخلوا ذاكرته، ويطلعوا عليه، ويخبروا أن ما أخفاه كان من أحاديث الفتن والتي
تتعرض لبعض الأمراءالذين عايشهم أبو هريرة وخاف على نفسه من بطشهم وظلمهم، ورأى
أنه بإخفائه هذه الأحاديث لا ينتقص من الدين شيئا، فظلم الظالم مكشوف معروف ولا
يحتاج إلى حديث مرفوع يبينه .
وقد نص على
هذا القرطبي بقوله: (قال علماؤنا : وهذا الذي لم يبثه أبو هريرة وخاف على نفسه فيه
الفتنة أو القتل إنما هو مما يتعلق بأمر الفتن، والنص على أعيان