فهم يرون أن
كل هذه النصوص تحمل على ظاهرها، وأن من جحدها بعد أن أعلم بها جهمي معطل كافر،
لكنهم ـ عندما ووجهوا بآيات أخرى كريمة ـ لا تتفق مع توهماتهم التجسيمية سموها ـ
من باب الاحتيال ـ [تفسيرا]، واعتبروا ما ورد فيها من مجاز ـ بنوع من الحيل
اللفظية ـ ليس مجازا.
ومن الأمثلة
على ذلك أن الشيخ ابن
العثيمين سئل عن قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا
يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الفتح: 10]، فأجاب
بقوله: (ينبغي أن نعلم أن التأويل عند أهل السنة ليس مذموماً كله، بل المذموم منه
ما لم يدل عليه دليل، وما دل عليه الدليل يسمي [تفسيراً]، سواء كان الدليل متصلاً
بالنص، أو منفصلاً عنه، فصرف الدليل عن ظاهره ليس مذموماً على الإطلاق.. فإذا
فهمنا هذا القاعدة وهي أن التأويل الذي قام الدليل عليه ليس مذموماً عرفنا الجواب
عن الآية التي ساقها السائل.. فهل الصحابة في صلح الحديبية كانوا يبايعون الله؟ هم
في الحقيقة كانوا يبايعون النبي a مباشرة، وذلك
في قوله سبحانه: ﴿يبايعونك﴾، لكن لما كان الرسول مبلغاً عن الله
سبحانه صارت مبايعة الرسول كمبايعة الله، وصار الذي يبايعه كأنما يبايع الله، وقوله
تعالى: ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
المعلوم أن يد الله حقيقة ليست فوق أيديهم، وأن التي فوق أيديهم عند المبايعة هي
يد الرسول a لكن الرسول كان مبلغاً عن الله)[2]
وهكذا يقال
في جميع الآيات.. والتي ضرب السلفية بعضها ببعض.. فأولوا ما يشتهون، وأثبتوا ما
يشتهون، والعجيب أنهم يحلون لأنفسم التأويل، ويسمونه - احتيالا - تفسيرا، أما
غيرهم، فلا يحلون له ذلك، بل يكفرونه إن فعل ذلك، ولست أدري من