نام کتاب : رسول الله..والقلوب المريضة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 96
التحتم، بل على الاختيار، فاختلف اجتهادهم، و صمم عمر على الامتناع لما
قام عنده من القرائن بأنه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) قال ذلك عن غير قصد جازم، و عزمه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) كان إما بالوحي وإما بالاجتهاد، و كذلك تركه إن كان بالوحي فبالوحي وإلا
فبالاجتهاد أيضاً ..)[1]
وما قاله عجيب جدا، فكيف يقال لأمر رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أنه لم يكن على سبيل الحتم واللزوم، وقد ورد في القرآن الكريم
التشديد على إجابة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) مطلقا، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال:
24]، بل حذر بعدها من الفتنة التي قد تنجر من عدم إجابته، فقال: ﴿
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]
ثم كيف يقال بأن ذلك الأمر لم يكن على سبيل الحتم واللزوم، وقد قال (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) مبينا أهميته وخطره: (هلم أكتب
لكم كتاباً لا تضلوا بعده)، فهل هناك شيء أهم من عدم الضلال.. بل عدم الضلال
الأبدي.
لكن غلبة المعايير التي وضعها أهل السنة المذهبية تعمي وتصم، لأنها تجعل
صاحبها يؤول كل شيء في سبيل تلك المعايير التي يقدسها أكثر مما يقدس رسوله.
وقريب مما ذكره المازري ما ذكره البيهقي في (دلائل النبوة) عندما قال: (إنما
قصد عمر التخفيف على رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) حين غلبه الوجع، ولو كان مراده (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) أن يكتب ما لا يستغنون عنه لم يتركه لاختلافهم ولا لغيره لقوله تعالى ﴿
بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [المائدة: 67] كما لم يترك تبليغ غير ذلك
لمخالفة من خالفه و معاداة من عاداه، و كما أمر في ذلك الحال بإخراج اليهود من
جزيرة العرب و غير ذلك مما ذكره في الحديث)[2]
وما ذكره البيهقي لا يقل غرابة عما ذكره المازري، لأنه يتنافى مع ما ورد
في الحديث