نام کتاب : رسول الله..والقلوب المريضة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 97
من الاهتمام بالوصية، أما ترك رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) للكتابة، فليس تقصيرا منه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)، وإنما يفسر الأمر فيها كما يفسر سكوته عن تحديد ليلة القدر بعدما
حصل التنازع.
ففي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى ( أي
تخاصم وتنازع ) رجلان من المسلمين، فقال: (خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان
وفلان فرُفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة)[1]
وهكذا كان التنازع سببا في الحرمان من تحديد ليلة القدر .. لأنها نعمة
كبرى.. فلما لم يقدروها حق قدرها حرموا من ذلك.. وهكذا كان حرمانهم من تلك الوصية
العظيمة بسبب التنازع.. لأنه حصل له علم (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بأن هؤلاء الذين اجترأوا على التنازع بين يديه لن يصعب عليهم أن
يمزقوا وصيته أو يؤولوها أو يفعلوا بها أي شيء.
ولا يقل عما ذكره المازري والبيهقي من التأويل ما ذكره القرطبي حين قال:
(ائتوني أمر، و كان حق المأمور أن يبادر للامتثال، لكن ظهر لعمر رضي الله عنه مع
طائفة أنه ليس على الوجوب، و أنه من باب الإرشاد للأصلح، فكرهوا أن يكلفوه من ذلك
ما يشق عليه في تلك الحالة مع استحضارهم لقوله تعالى ﴿ ما فرطنا في الكتاب
من شيء ﴾ و قوله تعالى ﴿ تبياناً لكل شيء ﴾ و لهذا قال عمر: حسبنا
كتاب الله، و ظهر لطائفة أخرى أن الأولى أن يكتب لما فيه من زيادة الإيضاح، و دل
أمره لهم بالقيام على أن أمره الأول كان على الاختيار، و لهذا عاش (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بعد ذلك أياماً و لم يعاود أمرهم
بذلك، و لو كان واجباً لم يتركه لاختلافهم، لأنه لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف،
و قد كان الصحابة يراجعونه في بعض الأمور ما لم يجزم بالأمر فإذا عزم امتثلوا)[2]