فإن جادلوا في الآية، أو أولوها، فليقرؤوا ما ورد في الحديث عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده، قال: قلت: يا رسول الله اكتب كل ما أسمع منك؟ قال: نعم، قلت:
في الرضا والغضب؟ قال: ( نعم فإني لا أقول في ذلك كله إلا حقا) [1]
فإن جادلوا، وذكروا بأن هذا النوع من السحر انحصر أثره في علاقة النبي
ﷺ الجسدية مع أزواجه، فكان يخيل إليه أنه يأتي نساءه من غير أن يكون ذلك
حقيقة، كما رووا عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: (مكث النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله،
ولا يأتي) [2]، فذلك لا يقل عجبا، لأنه يضع رسول
الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
في موضع تهم خطيرة يكفي تخيلها لنفور النفس منها.. لكن هؤلاء للأسف إما أنهم لا
يعرفون معنى ما يقولون، أو أن صورة رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) في خيالهم لا تختلف عن صورة ذلك الذي أصيب بالهلوسة، فصار يتخيل
ما لا يكون، ويفعل ما لا يعقل.
ولم يكتف هؤلاء بهذا، بل تصوروا أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) الذي آتاه الله من القدرات الإدراكية ما ينقضي دونه العجب لم يعلم
بالسحر طول تلك المدة، حتى جاءه ملكان، وأخبراه بعد أن تنصت (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) لقولهما..
ولست أدري ماذا يفعلون بقوله تعالى: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا
قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ
رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: 3 - 5]، وغيرها من الآيات الكريمة التي وعد
الله فيها نبيه (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) بألا يتخلى عنه، وأن يعطيه كل ما يرضى، وأن يبعد عنه كل ما يؤذيه.
ولست أدري كيف غاب عنهم تلك الآيات الكريمة التي تذكر ما آتى الله
أنبياءه عليهم