نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 76
أكتفي منه هنا
بهذا المقطع الذي يتحدث فيه المؤمن الهارب من جحيم الإلحاد بقوله: اسمعوا حديثي عن
برهان من براهين الهداية المبينة، أطلقت عليه اسم [برهان النبوة].. وهو برهان يدل
على الله من كل الوجوه، وبكل المقدمات، وبجميع اللغات.. فالله برحمته لم يتواصل مع
آحاد خلقه برعاية حاجاتهم وإجابة دعواتهم فحسب.. ولم يحفظ عليهم حياتهم بالقيم
التي وفرها لهم فقط.. وإنما أضاف إلى ذلك إرسال وسائط الهداية لهم ليكونوا نماذج
تيسر عليهم تحقيق الكمال، وليبلغوهم الحقائق التي لا يمكن أن يصلوا إليها بعقولهم
المجردة.
وقد كان أول ما
دفعني إلى هذا البرهان هو شعوري بأن الذي خلق هذا الكون ـ إن كان موجودا فعلا ـ
فإنه لابد أن يتصل بخلقه بأي طريقة من الطرق ليعرفهم بنفسه أولا، ويعرفهم بحقيقتهم
وغاية وجودهم ثانيا، وليعلمهم كذلك القيم التي عليهم أن يسلكوها لينسجم وجودهم مع
الكون جميعا.
وقد التقيت
حينها رجلا جمع بين الفلسفة والعلم راح يقول لي ـ بعد أن عرضت له ما خطر على بالي
ـ: إن ما تقوله صحيح.. ومنطقي.. فيستحيل على من صمم هذا الكون بهذا الإبداع، وأبرز
فيه لخلقه كل أنواع العناية والرعاية، أن يغفل عن هذه النقطة التي اهتدى إليها
عقلك.. ذلك يستحيل.
ذلك أن الإنسان
لايستطيع أن يصل الى حقائق الوجود الكبرى بجهوده الشخصية.. ولا يستطيع أن يصل إلى
فهم أسرار بدء الحياة ونهايتها.. ولا حقائق الشر والخير.. ولا كيفية تنظيم أجهزة
الحياة[1].
ولهذا ترى
قومنا، بل من قبلهم من الفلاسفة تاهوا بعقولهم، ولم يتمكنوا أن يصلوا