نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 447
الكونية
المرعبة، فلماذا نجد هذه الفكرة قائمة حتّى في المجتمعات الحاضرة رغم انتفاء
دواعيها من الجهل والخوف، حيث لاجهل بسبب ما اكتشفته العلوم من العلل الطبيعية، ولا
خوف بسبب تغلب الإنسان الحديث على أكثر حوادث الطبيعة، وتمكّنه من تجنب أضرارها
وأخطارها.
فما الّذي يفسّر
بقاء فكرة (الإله المعبود المقدّس) بين المجتمعات الحاضرة، والإحساس بالمسؤولية
تجاهه والسعي لتحصيل رضاه، وما يلحق كلّ ذلك من الاعتقادات والممارسات العملية
الدينية وقد زال الجهل والخوف؟
أليس بقاء هذا
الأمر ـ مع زوال ما قيل عن علّته ـ يعدّ دليلاً واضحاً وبرهاناً ساطعاً على أنّ
هناك عاملاً آخر، غير عامل الجهل والخوف، وراء نشأة فكرة (الإله المعبود) هو الّذي
دفع الذهن الإنساني إلى الالتزام بهذه الفكرة والمعتقد إلى اليوم؟
ولو قيل: صحيح
انّ العلماء والمفكّرين في هذا العصر تغلّبوا على الطبيعة وكبحوا جماحها، وعرفوا
أسرارها وعللها وتحرّروا من الجهل والخوف، ولكنّهم ورثوا فكرة (الإله المعبود) من
آبائهم وأسلافهم، ولم يستطيعوا التخلّص منها والتحرر من رواسبها.
فإنّنا نقول: وهل
هذا إلاّ ازدراء بمثل هؤلاء العلماء والمفكّرين، واحتقار لشأنهم، وتجاهل لما هم
عليه من سداد الفكر، ورشادة العقل، وقوة التحليل الّتي تأبى التقليد الأعمى، وترفض
التبعية الجاهلة.
سادسا ـ أن
أصحاب هاته الفرضية والتي قبلها لم يميّزوا بين الدافع للعقيدة، وبين ما يترتّب
على ذلك الدافع، في القيمة، فلا يمكن أن تكون (الدوافع) لشيء و(ما يترتب عليها من
الآثار والنتائج) ذات قيمة واحدة، فقد يكون الدافع نحو الشيء أمراً تافهاً لاقيمة
له، بينما تكون النتائج والقضايا الحاصلة من ذلك الدافع ذات قيمة عالية جداً كما
في المقام.
فعلاقة الإنسان
بالثروة والشهرة هي الّتي تدفع إلى الاكتشاف والاختراع، ومن
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 447