نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 407
فخلق هذه
المتقابلات هو محل ظهور الحكمة الباهرة، ومحل ظهور القدرة القاهرة، والمشيئة
النافذة، والملك الكامل التام. فتوهم تعطيل خلق هذه المتضادات تعطيل لمقتضيات تلك
الصفات وأحكامها وآثارها، وذلك عين المحال. فإنّ لكل صفة من الصفات العليا حكمًا
ومقتضيات وأثرًا هو مظهر كمالها، وإن كانت كاملة في نفسها، لكن ظهور آثارها
وأحكامها من كمالها، فلا يجوز تعطيله، فإن صفة القادر تستدعي مقدورًا وصفة الخالق
تستدعي مخلوقًا، وصفة الوهاب الرازق المعطي المانع الضار النافع المقدم المؤخر
المعز المذل العفو الرؤوف تستدعي آثارها وأحكامها. فلو عطلت تلك الصفات عن المخلوق
المرزوق المغفور له المرحوم المعفو عنه لم يظهر كمالها، وكانت معطلة عن مقتضياتها
وموجباتها. فلو كان الخلق كلهم مطيعون عابدون حامدون لتعطل أثر كثير من الصفات
العلى والأسماء الحسنى. وكيف كان يظهر أثر صفة العفو والمغفرة والصفح والتجاوز
والانتقام والعز والقهر والعدل والحكمة التي تنزل الأشياء منازلها وتضعها مواضعها؟
فلو كان الخلق كلهم أمة واحدة لفاتت الحكم والآيات والعبر والغايات المحمودة في
خلقهم على هذا الوجه، وفات كمال الملك والتصرف، فإن الملك إذا اقتصر تصرفه على
مقدور واحد من مقدوراته فإما أن يكون عاجزا عن غيره فيتركه عجزًا، أو جاهلا بما في
تصرفه في غيره من المصلحة فيتركه جهلاً.. وأما أقدر القادرين وأعلم العالمين وأحكم
الحاكمين فتصرفه في مملكته لا يقف على مقدور واحد، لأن ذلك نقص في ملكه. فالكمال
كل الكمال في العطاء والمنع والخفض والرفع والثواب والعقاب والإكرام والإهانة
والإعزاز والإذلال والتقديم والتأخير والضر والنفع، وتخصيص هذا على هذا، وإيثار
هذا على هذا. ولو فعل هذا كله بنوع واحد متماثل الأفراد لكان ذلك منافيًا لحكمته.
وحكمته تأباه كل الإباء، فإنه لا يفرق بين متماثلين، ولا يسوّي بين مختلفين. وقد
عاب على من يفعل ذلك، وأنكر على من نسبه إليه. والقرآن مملوء من عيبه على من يفعل
ذلك. فكيف يجعل له
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 407