نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 251
جموحها، وذلت بعد كبريائها،
فصاحبها في راحة منها، والشيطان لا يجد مجالا ليدخل إليها، وقد عبر القرآن الكريم
عنها بالنفس المطمئنة، فقال تعالى :﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ
الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي
عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ( (الفجر:29 ـ
30)
وهذه هي نفوس الخلاصة من عباد
الله من الأنبياء والأولياء والصالحين، وهي المرحلة الأخيرة التي تنتهي إليها
المجاهدات، وهي المرحلة الأولى التي تبدأ منها المواهب.
ومثل هذه النفس كالتربة الطيبة
التي هذبت وصفيت وأصلحت، ثم بذرت فيها البذور الطيبة، ولا يبقى لها إلا المطر الذي
ينزل عليها، فتبسق أشجارها وتطيب ثمارها.
وبين هاتين النفسين ما يسميه
القرآن الكريم بالنفس اللوامة، قال تعالى :﴿ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ
اللَّوَّامَةِO (القيامة:2)
وهذه النفس هي التي تتعامل مع
صاحبها، أو يتعامل معها صاحبها كما يتعامل مع شخص أجنبي، فهو يلومها ويعاتبها، وقد
يضطر لمعاقبتها ومجاهدتها.
وقد ذكر بديع الزمان النورسي
مثالا مقربا لهذا، فذكر أنه كان في الحرب العالمية الأولى، جنديان اثنان: أحدهما
مدرَّب على مهمته مجدّ في واجبه، والآخر جاهل بوظيفته متّبعٌ هواه.
فكان الأول يهتم الاهتمام كله
باوامر التدريب وشؤون الجهاد، ولم يكن يفكر قط بلوازم معاشه وأرزاقه، لإدراكه أن
رعاية شؤونه وتزويده بالعتاد، بل حتى مداواته اذا مرض إنما هو من واجب الدولة،
وأما واجبه هو فالتدّرب على امور الجهاد ليس إلاّ.
وهو مع هذا لا يمتنع من ان يقوم
بشؤون التجهيز وبعض الأعمال التي تتطلبها حياته وفي هذه الاثناء لو سُئل: ماذا
تفعل؟ لقال: إنما اقوم ببعض واجبات الدولة تطوّعاً، ولا يجيب: انني اسعى لأجل كسب
لوازم العيش.
أما الجندي الآخر، وهو الجاهل بواجباته
فلم يكن يبالي بالتدريب ولا يهتم بالحرب، بل كان يقول: ذلك من واجب الدولة، وما لي
أنا؟! فيشغل نفسه بامور معيشته ويلهث وراء الاستزادة منها.
نام کتاب : كيف تناظر ملحدا..؟ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 251