نام کتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 131
بدرجات متفاوتة أمام لمسات الهواء.. إن
هذا الكل لا يقدم لمجال تأملنا وتفكيرنا إلا مجرد تعاقب ضخم متصل غير متقطع لأسباب
ونتائج.. وكلما ازدادت معرفتنا وجدنا أبلغ دليل على أن الكون يعمل من خلال الأسباب
الطبيعية وحدها. وقد يكون من العسير أن ندرك كيف أن المادة الجامدة يمكن أن تكون
فيها حياة، ولكن يكون من الأصعب أن تصدق أن الحياة خلق أو نتاج خاص لوجود خفي خارج
عن الكون المادي)
وأنا لم أذكر لكم هذه النصوص لأبين لكم
أنها من أقوال سميي هولباخ.. وإنما ذكرتها لأنها عقيدتي وديني ومبدئي.. فإن كان
حديثكم عن القوة التي تسيطر على العالم وتدبره هي [الطبيعة]، فأنا معكم في ذلك..
بل يمكنني أن أمارس معكم طقوس العبودية
لها.. كما فعل سميي هولباخ حين راح يناجيها كما يناجي المؤمنون ربهم.. فراح يقول
لها: (أيتها الطبيعة، يا سيدة كل الكائنات.. إن بناتك الفاتنات الجديرات بالتوقير
والعبادة.. الفضيلة والعقل والحقيقية.. يبقين إلى الأبد معبوداتنا الوحيدات.. إن
إليك تتجه كل تسابيح الجنس البشري وينصب عليك ثناؤه، وإليك يقدم كل ولائه وإجلاله)
وراح يقول: (إن صديق الجنس البشري لا يمكن
أن يكون صديقاً للإله الذي كان في كل الأوقات سوطاً مسلطاً على الأرض.. إن رسول
الطبيعة لن يكون أداة الأوهام المظللة التي تجعل الدنيا مقراً للخداع.. إن من يقدس
الحقيقة لن ينسجم مع الزيف والباطل.. إنه يعلم أن سعادة الجنس البشري تقتضي بشكل
لا رجعة فيه، تقويض صرح الخرافة المظلم المقلقل من أساسه، لكي يقيم على أطلاله
معبداً للطبيعة ملائماً للسلام.. هيكلاً مقدساً للفضيلة.. فإذا ذهبت جهوده أدراج
الرياح وإذا لم يستطع أن يبث الشجاعة في الكائنات التي اعتادت أن ترتعد فرائصها
جبناً، فإن له على الأقل أن يفاخر بتجاسره على أن يقوم بالمحاولة)
نام کتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 131