نام کتاب : الكون بين التوحيد والإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 130
مخطئون، أو أن لهم مصلحة في تظليله
وخداعه. ولإزالة هذه الغشاوة وإخراجه من هذه المتاهة فإن الأمر يتطلب يداً حانية
وحباً شديداً.. كما يقتضي أعظم الشجاعة التي لا يعتريها خوف ولا وجل وتصميماً
أكيداً لا يكل ولا يمل.. ومن ثم يكون أهم واجب علينا أن نفتش عن الوسائل التي نقضي
بها على الأوهام التي تظللنا وتخدعنا)[1]
وقد عبر مؤرخ الحضارة الكبير [ويليام جيمس
ديورَانت]، عن موقفه من النظام الكوني، وعدم حاجته لإله، فقال: (بعد أن انتهى دي
هولباخ من بيان برنامجه على هذه النحو تقدم في ترتيب ونظام ليفند كل الكائنات
والاعتبارات والأفكار الخارقة للطبيعة. ويحبذ الطبيعة بكل ما فيها من جمال وقسوة
وتقييد وإمكانات، وليختزل كل الحقيقة والواقع إلى مادة وحركة، ويبني على هذا
الأساس المادي منهجاً للفضيلة والأخلاق يأمل أن يكون في مقدوره أن يحول المتوحشين
إلى مواطنين، ويشكل الخلق الفردي والنظام الاجتماعي ويضفي سعادة معقولة على حياة
مقرر لها الموت المحتوم.. إنه يبدأ ويختتم بالطبيعة، ولكنه ينكر أية محاولات
لتشخيصها أو تجسيدها، إنه يحددها ويعرفها بأنها الكل الأعظم الذي ينتج من اجتماع
المادة في مجموعاتها المختلفة. وهذا هو الاسم المحبب لدى دي هولباخ للكون، فهو
يعرف المادة في حرص وحذر بأنها بصفة عامة، كل ما يؤثر على حواسنا بأي شكل كان)[2]
ثم اقتبس من كتابه هذه القوانين العظيمة:
(كل شيء في الكون في حركة دائبة.. وجوهر المادة هو أن تعمل، وإذا تأملناها في يقظة
تامة لاكتشفنا أنه ليس ثمة جزء صغير فيها ينعم بسكون مطلق، وكل ما يبدو لنا أنه
ساكن لا يبقى ولو للحظة واحدة على نفس الحالة، وكل الكائنات تتناسل وتتكاثر
وتتناقص وتتفرق باستمرار.. إن أشد الصخور صلابة تتصدع