نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 256
فإبليس، أو طبيعة
إبليس حولت من المعصية إلى شر محض استحق بسببه تلك الآلام.
أما آدم u، فإن المعصية كانت وسيلة لتبوئه تلك المكانة العظيمة من
الله، ففرق كبير بين آدم الذي يسرح بين الجنان، وآدم الذي هبط إلى الأرض متبتلا
للرحمن، قد انطوى قلبه على كل المشاعر النبيلة نحو ربه.
فآدم u بأكله من الشجرة، وإدراكه حقيقة نفسه الشهوانية أقر بقصوره
وكمال ربه:﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ
إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (البقرة:37)، فكان ذلك الإقرار هو
سبب الرفعة العظيمة التي نالها في جوار الله.
انطلاقا من هذين
المثالين اللذين قصهما القرآن الكريم، فإن المعاصي، وإن احتوت على مساخط الرب تعالى
إلا أن في تقديرها من المحاسن ما يجعلها رحمة محضة سواء من ناحية علاقة الإنسان
بنفسه أو علاقته بربه أو علاقته بالمجتمع..
أما من الناحية
النفسية،فإنه بالمعاصي يعرف الإنسان نفسه، وأنها الخطاءة الجاهلة، وأن كل ما فيها
من علم أو عمل أو خير فمن الله منَّ به عليه لا من نفسه.. ولتقريب الرحمة المنطوية
في هذا المعنى أقول لكم: إن دور المعاصي في تقويم الإنسان وتهذيبه وتطييبه ليصلح
لمعرفة ربه ولدخول جنته هو نفس دور الأعراض التي تصاحب الأمراض من حمى وآلام
وغيرها، فإنها وإن كانت مكروهة في نفسها، إلا أن فيها خيرا عظيما، فلولاها لم
يتعرف الإنسان على مرضه، ولم يسع للعلاج منه، ولذلك، فإن أخطر الأمراض ما تسرب
تسربا خفيا إلى الجسد وصار ينخر فيه إلى أن يستحكم نخره من غير ان يظهر لذلك من
الآلام ما يتناسب مع دوره التهديمي.
زيادة على هذا، فإن
الانشغال برؤية الطاعة قد يصحبه الإدلال على الله بها، وهو من أكبر الموبقات،
بخلاف المعية التي يصحبها الانكسار، ولهذا ورد في الحديث الشريف:(لو
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 256