نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 252
المادي، لأنه
اعتراف بوجود إله يمثل الخير بالفطرة، وإلا فمن أين أتى التمييز البشري بين الخير
والشر إن كان الأصل في الوجود المادي هو عدم الترجيح في الأفعال بين خير وشر؟
سكت قليلا، ثم
قال: الإله المفارق للموجودات هو الذي أعطى معنى الخير، وهو الذي منح الإنسان
القدرة على تمييزه عن الشر، بينما لا يستطيع أي باحث أن يجزم بأن الخير بمعناه
العام هو الأصل الوحيد في نفوس الإنسان والحيوانات، خصوصا وأن من يؤمن بنظرية
التطور يرى أن استمرار الحياة قائم أصلا على الصراع وأن البقاء للأقوى، فالأقوى هو
الأقدر على قتل الضعيف ونهب حقوقه وليس العكس.
***
التقيت بعدها
آخر.. قال لي من غير أن أسأله ـ وكأنه علم ما يجول في نفسي ـ : ألا ترى أن الأصل
في كل شيء هو الخير، وأن الشر غير موجود إطلاقًا، غير أنه يتخلل الخير، كشذرات أو
استثناءات؟
قلت: ما تعني
بذلك؟
قال: ألا ترى أن
الأصل في كل شيء هو الصحة، وأما المرض فيدخل عليها، ولا يلبث ـ عادة أن يذهب ثانية، وترجع الصحة مرة أخرى.. وأن
الأصل في المطر أنه خير، ولكن يتخلل هذا الخير استثناءات، فيصير المطر سيولًا
تدمّر الطرق والبيوت، لكن هذا مجرد استثناء.. والأصل في الحياة أنها سلام، ولكن
يشوب هذا السلام استثناءات؛ فتحدث حروب ونزاعات تدمر القرى والبلاد، لكن هذا مجرد
استثناء.. والأصل في الجو الاعتدال، وأما العواصف، أو موجات البرد والحر، فتحدث
خلال فترات قليلة من السنة، ويظل الجو معتدلًا باقي السنة.. والأصل في البراكين
أنها تنفجر في المحيطات أو بعيدًا عن البشر، لكن تحدث استثناءات، فتنفجر بجانب قرية
ما.
قلت: أجل.. ما
تقول صحيح.. لكن لماذا صرنا نشعر بأن كل المطر شر، وأن
نام کتاب : الهاربون من جحيم الإلحاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 252