نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 203
الحديث مع أنفسهم، ومع الأحوال الغربية
الممتلئة بالعبث التي يعيشونها: اسمعوني جيدا أعزائي الملاحدة المغفلين، لأحدثكم
عن نفسي، وعن حقيقتي.. فلا شك أن الكثير منكم مر في يوم من الأيام على كتبي
وأفكاري، وامتلأ بها شؤما وعبثية وإلحادا.
لكني اليوم سأقول الحقيقة المجردة التي
دل عليها كل شيء.. لا ذلك التزييف الذي ملأت به كتبي ودفاتري، ثم سوقتها لكم،
لتحتلكم الشياطين وأفكار الشياطين[1].
أقول لكم.. وأنا في كامل قواي العقلية..
أنني كنت ـ مع تلك الظروف الشديدة التي مررت بها ـ أرى كل ما في الوجود من حكمة
وخبرة وعناية وغائية.. وكنت أرى أنه يستحيل أن يكون هذا الوجود من تلقاء نفسه، من
غير صانع صنعه، ولا مدبر دبره.. كانت فطرتي تصيح بهذا، وتكاد تجهر به.
كنت أرى ذلك متجليا ناطقا مفصحا عن نفسه
في الجمادات والنباتات والحيوانات، وكل شيء.. رأيت كيف يسعى هؤلاء جميعا للحصول
على الغذاء، للإبقاء على النفس والنوع..
وكنت أراه متجليا في الإنسان وما أوتي من قوة عاقلة، وقوة غريزية، للإبقاء على نفسه وعلى تميزه عن كل ما حوله بإعمال عقله.
لاحظت ذلك كله، وكان يمكنني أن أتعرف من
خلاله على الخالق العظيم، والصانع البديع.. لكني لم أفعل على
الرغم من إقراري بوجود حكمة وقدرة وإرادة وإتقان.
لقد أقررت بذلك كله، لأنه لا يمكنني أن
أكذب ما تراه عيني، وما تعيشه جوارحي.. ولكني لغفلتي وكبريائي، رحت أنسب ذلك إلى
إله سميته [الإرادة الكلية العمياء الشريرة]، ورحت أضع لهذه الإرادة الكلية التصورات العقدية المرتبطة بها.
[1]
استفدنا بعض المادة العلمية هنا من مذاهب فكرية معاصرة، عرض ونقد -، للدكتور محمود
مزروعة، 189-207.
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 203