نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 202
هذا ما تقولونه أنتم، وكأنكم تلقون
باللوم على الله، وليس علي.. وكأن الله لو وفر لي ظروفا أفضل لكنت مؤمنا به، وكنت
أخرجت فلسفة مليئة بالإيمان والمحبة والتفاؤل.
وهذا كله غير صحيح.. فالإنسان ابن
لأفكاره، وليس ابنا لظروفه.. والكثير من الملاحدة وفرت لهم كل أسباب الدنيا، ومعها
كل ألوان السعادة، ومع ذلك حجبوا عن الله.. والكثير من المؤمنين نزلت بهم كل ألوان
المصائب والبلاء، ومع ذلك لم يزدد إيمانهم إلا رسوخا وقوة.
فكفوا عني.. ودعوني أعذب نفسي الأمارة
بالسوء التي راحت تحاول حجب الشمس بأهوائها، وتجعل من حرب الحقيقة رسالتها في
الحياة.
جلس قليلا، ثم وقف قائما، وقال: لا
تصدقوا كل ما كتب عني من ظروف قاسية مررت بها.. فقد وفر الله لي الكثير من فرص
السعادة.. فقد أمضيت حياة ناعمة متنقلًا بين ربوع إيطاليا، وأنا أقول: (هذا البلد
الجميل الذي فيه يشع الغناء).. وكنت حريصًا على حضور الحفلات الموسيقية والمسرحية..
وحريصًا على أموالي التي استثمرتها في [دانزج]، وقد قلت للتاجر الذي أفلس الذي لم
يستطع سداد ديوني: (بوسع المرء أن يكون فيلسوفًا، دون أن يكون بسبب ذلك مغفلًا)،
وقد كتبت إلى [يوهان أدوار ايرومان] أقول: (لقد كنت رجلًا موفقًا، وذا حظ عظيم،
أعلمُ كيف أؤمّن مصدر عيشي على الدوام، ولا أضطر للعمل من أجل النقود أو البحث عن
وظيفة)
قال ذلك، ثم راح يغلق أذنيه بيديه،
ويقول: إليك عني أيتها الضوضاء.. لقد مللت منك.. هل تذكرين ما فعلت بسببك.. لقد
دفعت جارتي التي كانت تعمل بحياكة الملابس، بسبب ما أحدثته آلتها اللعينة من
ضوضاء، على درج السلم، فأُصيبت بعجز، ورفعت الأمر للقضاء، فحكم علي بدفع جزء من
تكاليف الحياة لها، وظللت أدفع لها حتى موتها.
ثم هدأ قليلا، وقال يخاطب أصحابه الذين
كانوا معه في الجناح، وكانوا مشغولين عنه
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 202