نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 13
وقد استلهمنا هذه الأحاديث من تلك الصرخة
التي صرخها فرعون الطاغية المستبد الذي كان يجاهر كل حين بمعارضته لربه، وتكذيبه
به.. لكنه في اللحظة التي تنكشف فيها الحقائق راح يصرخ بالاعتراف بالله، والإذعان
له.. وهذا يدل على أنه كان في قرارة نفسه يعترف بالله، ولكن كبرياءه حال بينه وبين
الإذعان له، كما قال تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا
أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: 14]
وهكذا يحكي لنا القرآن الكريم قصص أولئك
المشركين الذين يقرون بالله، ويخلصون له، ويتخلصون من كل الأوثان التي تحول بينهم
وبينه في ساعات الشدة والضيق، قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ
دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إلى الْبَرِّ إِذَا
هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [العنكبوت: 65]
وجمعنا بين المشركين والملحدين في محل
واحد ليس غريبا، ولا مستبعدا، فالملحد ليس سوى مشرك، أشرك الطبيعة بالله، ونسب
الصنعة لغير أهلها، ونسب التدبير لغير أهله.. فلذلك كانت آيات الرد على المشركين
هي نفسها آيات الرد على الملحدين.. فالمشرك الذي نسب الكون لصنم لا عقل له ولا
تدبير، لا يختلف عن الملحد الذي ينسب الكون للطبيعة العمياء الصماء البكماء التي
لا عقل لها ولا تدبير.
وقد اخترنا لتحقيق هذا الغرض سبعة أصناف
من المدارس التي تضم كبار الملاحدة في التاريخ، غير مراعين في اختيار الشخصيات
البعد الزماني، وهي:
التنويريون: ونقصد بهم أعلام التنوير في
عصر النهضة الأوروبية، والذين اكتفى بعضهم بإبداء موقف سلبي من الكنيسة والمسيحية،
بينما ذهب آخرون إلى إلغاء الأديان جميعا، بل صرح الكثير منهم بالإلحاد.. وقد
ناقشنا في هذا الفصل استثمار الملاحدة لأخطاء المتدينين في الدعوة للإلحاد، أو كون
الدين المزيف سببا في ظهور الإلحاد، وحاولنا أن نثبت عدم علاقة الإيمان ولا
الإلحاد بالتنوير.. وأن كليهما يمكن أن يساهم في
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 13