وكان الواجب إعطاء البدعة معناها دون إجحاف ولا إسراف. وإنما يتمهَّد هذا الواجب بوضْع ضوابط جليَّة لمعنى البدعة ورسْمِ معالم بيِّنة لحدودها، وما يدخل فيها وما لا يدخل.
وبهذا يتأتّى الحكم على آحاد البدع وأعيانها، وذلك عندما تردُّ كلُّ بدعة إلى قواعدها الكليَّة.
من هنا تظهر أهمية تحديد القواعد التي تُعرف بها البدع.
ومن جهة أخرى فإنَّ ضبط الأمور المنتشرة المتعددة، وإجمال الأحكام الكثيرة المتفرقة أوعى لحفظها، وأدعى لرسوخها.
والحكيم إذا أراد التعليم لا بد له أن يجمع بين بيانين: إجمالي تتشوَّف إليه النفس. وتفصيلي تسكن إليه [1].
وبعد إطالة النظر وإمعان الفكر فيما حرَّره أهل العلم في باب البدع والمحدثات [2] اجتمع لديَّ ثلاث وعشرون قاعدة، عليها يقوم الابتداع في الدين، وإليها يؤول الإحداث المشين. [1] انظر المنثور في القواعد للزركشي (1/ 65، 66). [2] من أبرز ما كُتب في هذا الباب وأنفعه: [1] - البدع والنهي عنها لابن وضاح القرطبي، المتوفي سنة 276 هـ. [2] - الحوادث والبدع للطرطوشي، المتوفي سنة 530 هـ.
3 - الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة، المتوفي سنة 665 هـ.
4 - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم لتقي الدين ابن تيمية، المتوفي سنة 728 هـ.
5 - الاعتصام للشاطبي، المتوفي سنة 790 هـ.