(مُسْتَمِدَّا مِنْ رَبِّنَا التَّوْفِيقَ لِلصَّوَابِ) الصواب ما هو؟ ضد الخطأ، الصواب ضد الخطأ، إذن طلب المدد في أن يعينه الله يوفقه الله عز وجل في حصول هذا النظم على الوجه المراد، وهو أن يكون مسهلا لحفظه وفهمه قال: (وَالنَّفْعَ) أي مستمدًا من ربنا النفع، من ربنا النفع بالكتاب في الدارين النفع بالكتاب، (بِالْكِتَابِ) المراد به هنا المراد به النظم، لا الورقات لأن الورقات ليس له عمل، (وَالنَّفْعَ ؤ الدَّارَيْنِ بِالْكِتَابِ) الورقات ليس له عملٌ فيه، وإنما هو ينظِم هذا النشر إذ النفع بالكتاب هذا في الدارين نقول الكتاب المراد به كتاب الناظم، هو الذي ((تسهيل ورقات تسهيل الورقات)). (فِي الدَّارَيْنِ) الدنيا والأخرى في الدنيا كيف يحصل النفع؟ أن يقرأ الكتاب ويحفظ، ومن سن في الإسلام سنةً حسنة نقول هذا يرجع إلى نص المؤلف ما من خيرٍ يُدل عليه بتأليف أو نظمٍ ونحو ذلك إلا ولصاحبه من الأجر الذي حصل الطالب، (وَالنَّفْعَ) النفع قالوا هو إيصال الخير للغير (فِي الدَّارَيْنِ) أي في الدار الدنيا والدار الأخرى بحصول الثواب على ما ترتب من النفع من كتابه في الدنيا، (بِالْكِتَابِ) أي بالنظم هذه جملة ما ذكره الناظم هنا وقد ذكرنا أن تم أربعة أمورٍ واجبة وهي: البسملة وذكرها، والحمدلة وذكرها، وبراعة التشهد، والصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه إذن أتى بواجبين، وترك الواجبين، الجواب لما ترك الصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام؟ لم ترك التشهد مع أنها واجبة في التصنيف وقد أتى ببعض المستحبات والأولى أن يعتني بالواجبات قبل المستحبات؟
نقول: إما للاختصار
الجواب الثاني: أن يقال: إنه أتى بها لفظًا يعني نطق بها ولو لم يكتبها لأنهم قالوا: اعتمدوا على حديث فيه ضعف: «من صلَّ علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له مداد اسمي في ذلك الكتاب»، هذا حديث ضعيف، لكن هم يعملون به في الفضائل، قالوا: «من صلَّ علي في كتاب» يعني: المراد بالصلاة هنا أعم من أن تكون كتابة، أعم من أن تكون كتابة بل فككوه لفظًا كما اعتذر بالإمام البخاري رحمه الله في أول الصحيح فحينئذٍ نقول ترك الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم إما للاختصار، وكذلك التشهد، وإما لأنه أتى بها لفظًا، وهذا كافٍ في المطلوب، ولكن يمكن أن يعتذر عن هذا أولى من هذا أنه أتى بها في آخر النظم ولذلك قال:
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِتْمَامِهِ ** ثُمَّ صَلاةُ اللهِ مَعْ سَلامِهِ
على النبي
وعلى قولهم بالحديث استدلالاً بالحديث يقول: «من صلَّ علي في كتاب». ولم يقل في أوله ولا في آخره، فهو عام هو عام قد يصلى عليه في أول الكتاب وقد يصلى عليه في آخر الكتاب، فالحاصل أنه ترك التشهد والصلاة والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم - لهاتين العلتين إما للاختصار وإما لأنه تلفظ بهما ولم يكتبهما، وإذا أجبنا بأنه ذكرهما في آخر المنظومة أيضًا لا إشكال، نقف على هذا.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.