نام کتاب : البلاغة 1 - البيان والبديع نویسنده : جامعة المدينة العالمية جلد : 1 صفحه : 454
كيف لا أشكر الجِزارة ما عشـ ... تـ حفاظًا وأهجر الآدابا
وبها صارت الكلابُ ترجيـ ... ـني وبالشِّعر كنت أرجو الكلابا
فالتورية في لفظ "كلاب" الثاني؛ لأن له معنيين: قريب واضح وبعيد خفي، فالقريب هو الحيوان المعروف، والبعيد هو لئام الناس وشرارهم، وهو المراد، وهي تورية مرشحة حيث جمعت ما يلائم المعنى القريب وهو قوله: "صارت الكلاب تُرجيني" وقد وقع هنا الترشيح قبل لفظ التورية. ومن شواهد هذه الصورة أيضًا قول الحريري:
يا قوم كم من عانق عانس ... ممدوحة الأوصاف في الأندية
قتلتها لا أبتغي وارثًا ... يطلب مني قَوَدًا أو دية
فالتورية في لفظ "عانس" فهو لفظ حامل لمعنيين: قريب وهو البِكر التي طال مُكْثها في بيت أبيها ولم تتزوج، وبعيد وهو الخمر، والمراد هو البعيد، وقد قرنت بما يلائم المعنى القريب وهو القتل والقود والدية، إذ إنها مما يناسب الإنسان وليس الخمر، فهي تورية مرشحة جاء ترشيحها متأخرًا عن لفظ التورية. ومن بديع التورية المرشحة على هذا النمط قول شوقي في رثاء حافظ إبراهيم:
يا حافظ الفصحى وحارس مجدها ... وإمامَ مَن نجبت من البلغاء
خلفت في الدنيا بيانًا خالدًا ... وتركت أجيالًا من الأبناء
وغدا سيذكرك الزمان ولم يزل ... للدهر إنصاف وحسن جزاء
فالمعنى القريب للفظ حافظ أن يكون اسم فاعل من حفظ، وقد ذكر ملائمًا لهذا المعنى وهو "الفصحى" و"حارس" فهما يقتضيان أن يكون لفظ حافظ من المحافظة، والمعنى البعيد هو اسم شاعر النيل حافظ إبراهيم، فالتورية تورية مرشحة. ومن ذلك أيضًا قوله على سبيل المزاح والمداعبة لحافظ:
نام کتاب : البلاغة 1 - البيان والبديع نویسنده : جامعة المدينة العالمية جلد : 1 صفحه : 454