نام کتاب : البلاغة 1 - البيان والبديع نویسنده : جامعة المدينة العالمية جلد : 1 صفحه : 453
الجهمية والمعتزلة والخوارج وأضرابهم ممن يحرفون الكلم عن مواضعه، ويفسرون القرآنَ بأهوائهم، مقدمًا كلامهم على كلام الصحابة والتابعين، أو أن يعدل عن كلام هؤلاء الذين ذكرنا مؤخرًا إلى كلام أولئك المتكلمين.
القسم الثاني من أقسام التورية: وهي التورية المرشحة؛ وهي التي قُرنت بما يلائم المعنى القريب غير المراد المورَّى به، وإنما سميت مرشحةً؛ لتقويتها بذكر لازم المعنى القريب غير المراد، فإنها تزداد بذكره إبهامًا، والملائم للمعنى القريب قد يكون قبل لفظ التورية وقد يكون بعده، فهما إذًا صورتان:
الصورة الأولى: أن يقع الترشيح سابقًا للفظ الحامل للتورية، وذلك كقول الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة: 29) فالتورية في لفظ: {يَدٍ} فهو لفظ له معنيان: قريب واضح وهو الجارحة المعروفة، وبعيد خفي وهو الذِّلة والاستكانة، والمراد هو المعنى البعيد. وقد قرنت التورية بما يلائم المعنى القريب المورى به وهو قوله: {يُعْطُوا} لأن الإعطاءَ عادةً يقع باليد فهي إذًا مرشحة، وقد وقع الترشيح وهو الإعطاء قبل لفظ التورية. ومن شواهد هذه الصورة قول السراج الوارق:
يا خجلتي وصحائفي سود بدت ... وصحائف الأبرار في إشراق
ومؤنب لي في القيامة قال لي ... أكذا تكون صحائف الوراق
فالتورية في لفظ "الوراق" فهو لفظ حامل لمعنيين؛ أحدهما: قريب واضح وهو الذي يبيع الورق، والآخر: بعيد خفي وهو اسم الشاعر، والمعنى المراد هو البعيد. وقد قرنت هذه التورية بما يلائم المعنى القريب وهو الصحائف، فهذا اللفظ يناسب بائع الورق. وقد جاء هذا اللفظ سابقًا للتورية، وعلى هذه الصورة جاء أيضًا قول أبي الحسين الجزار:
نام کتاب : البلاغة 1 - البيان والبديع نویسنده : جامعة المدينة العالمية جلد : 1 صفحه : 453