نام کتاب : الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري نویسنده : الآمدي، أبو القاسم جلد : 1 صفحه : 496
أرسى بناديك الندى وتنفست ... نفساً بعقوتك الرياح ضعيفا
وإنما قال ضعيفاً: لأن الرياح إذا اشتد هبوبها عفت آثار الديار وطمست معالمها، ولذلك قال البحتري:
وإذا هبت الرياح نسيماً ... فعلى ربع دارها والجناب (1)
وما زلت أسمع أهل العلم بالشعر يستحسنون بيت أبي تمام هذا، وهو لعمري حسن، ولكنه أخذ المعنى من قول آخر وأنشده إسحاق بن إبراهيم الموصلي ولم يأت به في ذكر الدار:
يا حبذا ريح الجنوب إذا سرت ... بالليل وهي ضعيفة الأنفاس
قد ضمنت برد الندى وتحملت ... عبقاً من الجثجات والبسباس (2)
وأجود من هذا وذاك في وصف طيب الريح، قول أبي الصفي الأسدي:
إذا أصعد الركبان واستقبلتهم ... جنوب كمس الرازقي هبوبها
الرازقي: الرقيق من الكتان الأبيض (4)، والريح وإن كانت قد تسفي الترب على رسم الدار فتعغطيه وتعفوه، فإنها أيضاً قد تنسفه (5) عنه فتكشفه وتجده، ألا ترى إلى قول جرير:
تحيي الروامس ربعها فتجده ... بعد البلى وتميته الأمطار (6)
فهي تفعل فعلين مختلفين، وربما نسفت تراب أرضٍ فطرحته على أرض أخرى، وبينهما سير أيام، فتكشف عن معالم تلك الأرض، وتغطي على
نام کتاب : الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري نویسنده : الآمدي، أبو القاسم جلد : 1 صفحه : 496