وهذا لا ينافى ما كنت أعتقده، بل لنا قرائن كثيرة، تدل على إنه كان في القرن الثالث عشر، منها أن لمليح الذي أرخ به، نعرف من أدركه، وهو رجل كان موجودا من نحو خمس عشرة سنة. فذلك دليل على أن لمليح كان في القرن الثالث عشر، ومنها أن الشيخ سيدي الآتي بعده، كان معاصرا لصاحب الترجمة، وقرأ عليه، وقد مات الشيخ سيدي في حدود سبع وسبعين أو نحو ذلك من القرن الثالث عشرا.
محمد بن سيدي عبد الله
بن الفغ سيدي أحمد بن محمد بن القاضي المتقدم العلوي. كان وحيدا في العلم والصلاح، وله اليد الطولى في العربية والفقه والبلاغة وغير ذلك. وكان غاية في جودة الشعر، ولولا ما هو متصف به من العبادة والاشتغال بطريق الصوفية، ما اشتهر في قطره أحد سواه بالشعر، ولولا دفاعه عن الصوفية لم ينظم بيتا واحدا.
كان لا يشتغل بما لا يعنيه، جواداً يعطى الناس ولا يأخذ منهم، وهو شيخ طريق، والمعتمد عنده الكتاب والسنة.
وقال سيدي العربي بن السايح، في كتاب البغية في ترجمة التيجاني بن باب العلوي: وأخذ الطريقة عن العلامة الأوحد الفاضل الأمجد، أبي عبد الله سيدي محمد المدعو مُحمد الملقب بالخليفة، لقيامه بالخلافة في إعطاء الطريق، بعد وفاة شيخه سيدي محمد الحافظ رضي الله عنه، وله خمسة جدود، كل واحد منهم أعلم أهل زمانه وهم: أبوه سيدي عبد الله بن سيدي أحمد الفغ بن سيدي محمد بن سيدي عبد الله المعروف بالقاضي، وهو الذي تقدم لنا إنه قرأ على الشيخ على الأجهوري
انتهى المراد منه. وهذا صحيح، غير أن قوله سيدي أحمد الفغ، فيه تقديم وتأخير إذ الصحيح الفغ سيدي أحمد.
وقال في أناس مخصوصين:
وارْثُ أن كنت راثياً لأناس ... فتنوا ليس فيهمُ من رشيدِ