سما للمعالي من تقدَّم منهم ... ويسمو على آثاره من تأخرا
مآثرهم حَلْيُ الزمان لو إنه ... على صورة الإنسان كان مصوّرا
فكم من فتى منهم يروقك علمه ... ويهزم من أنجاد وادان عسكرا
ويجعل في إحدى يديه مهندا ... طريراً وفي الأخرى كتاباً مطرَّرا
يحب الردى يوم الوغى فكأنه ... إذا مات فيه لا يزال معمَّرا
بطرفك فانظر كَيْ ترى بعض مجدهم ... إذا أنت عن إدراكه كنت مُقْصرا
وأنت ترى كيف نزه شعره عن هجو أعدائه مع ظفر قومه.
وله من أبيات يخاطب فيها العلامة بُلاَّ بن مكبد الشقروى، وكان مدحه بقصيدة فأطال غزلها، ثم نال من ابن أحمد دام، وسأذكرهما في موضعهما أن شاء الله تعالى:
دع التطويل في ذكر الغواني ... ودع عنك البكاء على المغان
أسن الدهر عن هذا فقصِّرْ ... عنان الشوق وأنن من العنان
فإن المرَء يحسن في زمانٍ ... عليه ما يشنَّع في زمان
ووقعت بينه وبين ابن عمه باب الآتي، مناظرات ومشاعرات في مسائل فقهية، ومع محنض بابه الديماني. وكنت أظنه ممن أدرك المائة الثالثة عشرة، فوجدت في رسالة للعلامة ولى الله، سيدي أحمد بن محمد الآتي، يخاطب فيها العلامة الحارث بن محنض ما نصه: (وقبولك لكلام الدسوقي، وهو ووالدك متعاصران منه أقدم، لأنه ينقل في حاشيته عن الأمير، من غير سماع منه، معبرا عنه بخاتمة المحققين، والأمير وحرم ولدا في عام واحد، فقد قال في مجموعه: شرعت فيه
وأنا ابن إحدى وعشرين سنة في القرن الثاني عشر، ثم تم تبيضه سنة ست وستين ومائة وألف، وحرم مات عام ثلاث وأربعين قبل لمليح بأربعة أعوام، وهو شيخ والدك، فهلا نقلت عن والدك) انتهى.