نام کتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع نویسنده : المراغي، أحمد بن مصطفى جلد : 1 صفحه : 39
بلاغة [1] المتكلم:
هي ملكة يقتدر بها على التصرف في فنون الكلام وأغراضه المختلفة، ببديع القول وساحر البيان، ليبلغ من المخاطب غاية ما يريد، ويقع لديه الكلام موقع الماء من ذي الغلة الصادي، وتلك الملكة لا يصل إليها إلا من أحاط بأساليب العرب خبرا، وعرف سنن تخاطبهم في منافراتهم ومفاخراتهم ومديحهم وهجوهم واعتذارهم وشكرهم، ليلبس لكل حال لبوسها، ويراعي الخصائص والمقتضيات التي تناسبها.
انظر إلى النبي عليه السلام تجده راعى حال من يخاطبه، فكتب إلى أهل فارس بما يسهل ترجمته، فقال: "من محمد رسول الله إلى كسرى أبرويز عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، فأدعوك بداعية الإسلام فإني أنا رسول الله إلى الخلق كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين, فأسلم تسلم، فإن أبيت فإثم المجوس عليك".
وكتب بضدها إلى وائل بن حجر الحضرمي وقومه ففخم لهم اللفظ لما عرف من فضل قوتهم على فهمه، وعادتهم سماع مثله فقال: "من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة من أهل حضرموت بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، على النيعة الشاة، والتيمة لصاحبها، وفي السيوب الخمس، لا خلاط ولا وراط، لا شناق ولا شغار، ومن أجبى فقد أربى، وكل مسكر حرام"[2]. [1] قال صاحب الصناعتين: وصف المتكلم بالبلاغة من قبل التوسع، والمجاز، وحقيقته بليغ الكلام كما تقول رجل محكم وتعني إحكام أفعاله كما قال تعالى: "حكمة بالغة" فوصف الحكمة بالبلاغة ولم يصف بها الحكيم. [2] الأقيال واحدة قيل بفتح القاف وهو الملك، والعباهلة الذين أقروا على ملكهم، والنيعة الأربعون من الغنم، والتيمة الزائدة على الأربعين حتى تبلغ الفريضة الأخرى، والسيوب المعادن، ولا خلاط أي: لا يخلط رجل إبله بإبل غيره أو بقره ليمنع الصدقة، والوراط الخديعة والغش، والشباق ما بين الفريضتين حتى تتم، والشغار أن يزوج كل واحد صاحبه امرأة على أن يزوجه أخرى بلا مهر، والإجباء بيع الزرع قبل أن يعدو صلاحه.
نام کتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع نویسنده : المراغي، أحمد بن مصطفى جلد : 1 صفحه : 39