نام کتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع نویسنده : المراغي، أحمد بن مصطفى جلد : 1 صفحه : 239
فقد شبه الرجال في دروع الزرد بالجمال الجرب، وذلك من البعد بمكان؛ لأنه إن أراد السواد فلا مقاربة بينهما فيه، فإن لون حديد الدروع أبيض، وإن أراد شيئا آخر فليس بواضح مع ما فيه من السخف، ونحوه قول المتنبي:
وجرى على الورق النجيع القاني ... فكأنه النارنج في الأغصان1
إذ لا مشاكلة بين لون الدم ولون النارنج.
تذييل:
وفيه أمران:
1- التشبيه، باعتبار المبالغة أقسام ثلاثة:
أ- أعلاها ما حذف فيه الوجه والأداة، نحو: محمد أسد.
ب- المتوسط في المبالغة، وهو ما حذف فيه الوجه، أو الأداة، نحو: علي كالبدر، أو: علي بدر في الحسن والبهاء.
جـ- أدناها ما ذكر فيه الوجه والأداة، نحو: علي كالأسد في الشجاعة.
ذاك أن القوة إما بعموم وجه الشبه ظاهرا[2]، أو بحمل المشبه به على المشبه وإيهام أنه هو، فما اشتمل على الوجهين معا فهو في غاية القوة، وهو القسم الأول، وما خلا منهما معا، فلا قوة له، وهو القسم الثالث، وما اشتمل على أحدهما فقط فهو متوسط، وهو القسم الثاني.
2- اختلف القوم في التشبيه، أيعد من المجاز أم لا؟ فأهل التحقيق قالوا: الطرفين مستعمل في موضوعه.
وذهب ابن الأثير إلى أنه مجاز وحجته أن مضمر الأداة من التشبيه معدود في الاستعارة, فيجب أن يكون مظهرها كذلك, إذ لا فرق بينهما إلا بظهور الأداة وظهورها إن لم يزده قوة ودخولا في المجاز لم يكن مخرج له عن سننه, كذا في "الطراز" بتصرف.
1 النجيع: الدم الطري، يريد أنه جرت دماء القتلى على ورق الشجر. [2] إنما قلنا ظاهرا؛ لأن الوجه لا بد أن يكون صفة خاصة قصد اشتراك الطرفين فيها كالشجاعة ونحوها، لكن قولك: كالأسد، يفيد أن وجه الشبه عام في أوصاف كثيرة، كالشجاعة والمهابة والقوة وكثرة الجري، إلى غير ذلك من أوصاف الأسد.
المحسنات المعنوية
...
أقلعت عن رشف الطلا ... واللثم في خد الحبب
وقلت هذي راحة ... تسوق للقلب التعب1
فالمعنى القريب للراحة ضد التعب وليس بمراد، والآخر بمعنى الخمر، وهو المراد، ورشحه بذكر التعب بعده.
3- مبينة، وهو ما قرنت بما يلائم المعنى البعيد، كقول ابن سناء الملك:
أما والله لولا خوف سخطك ... لهان علي ما ألقى برهطك
ملكت الخافقين فتهت عجبا ... وليس هما سوى قلبي وقرطك
فالمعنى القريب للخافقين: المشرق والمغرب، وذا ليس بمراد، والمعنى البعيد المراد القلب، والقرط، وقد بينه الشاعر بالنص عليه.
الاستخدام:
هو ذكر اللفظ بمعنى وإعادة ضمير أو إشارة عليه بمعنى آخر، أو إعادة ضميرين عليه تريد بثانيهما غير ما تريد بأولهما، فالأول كقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، فالمراد بالشهر الهلال وبضميره الزمان المعلوم.
وقول ابن معتوق الموسوي المتوفى سنة 1025هـ:
تالله ما ذكر العقيق وأهله ... إلا وأجراه الغرام بمحجري
إذ المراد بالعقيق الوادي الذي بظاهر المدينة ببلاد الحجاز, وبالضمير الذي يعود إليه الدم الأحمر الشبيه بالعقيق.
والثاني، كقوله:
رأى العقيق فأجرى ذاك ناظره ... متيم لج في الأشواق خاله
فقد أراد بالعقيق أولا المكان، ثم أعاد اسم الإشارة إليه بمعنى الدم.
والثالث، كقول شوقي يخاطب الإله جل وعلا:
العقل أنت عقلته وسرجته ... وأحرت فيك دليله وأرحته
آتيته الحجر الأصم ونحتة ... والنجم يعبد فوقه أو تحته2
1 الطلا ما طبخ من عصير العنب، والحبب الفقاقيع التي تعلو في الكأس. [2] أحرته أي: بالشك وأرحته أي: باليقين، ومفعول يعبد محذوف أي: يعبدك.
نام کتاب : علوم البلاغة البيان، المعاني، البديع نویسنده : المراغي، أحمد بن مصطفى جلد : 1 صفحه : 239