نام کتاب : نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن نویسنده : الشرواني، أحمد جلد : 1 صفحه : 189
فسده بها وقدر في نفسه أن مفوضاً إذا أتى الجحر لم يمكنه الدخول إليه لحصانته ولأن بابه مسدود بالحطب سداً محكماً وأكثر ما يقدر عليه أن يحاصره فإذا يئس منه ذهب فنظر لنفسه مأوى آخر وقد كان ظالم رأى منزل مفوض أطعمة كثيرة ادخرها مفوض لنفسه فعول ظالم على الاقتيات منها في مدة الحصار وأذهله الشره والحرص على البغي عن فساد هذا الرأي وأنه متعرض لمثل ما عزم عليه أن يفعلاه بالحية، ثم إن مفوضاً جاء بالقبس فلم يجد ظالماً ولا وجد الحطب فظن أن ظالماً قد احتمل الحزمتين معاً تخفيفاً منه وأنه ذهب بهما إلى الجحر الذي فيه الحية فظهر له من الرأي أن يترك النار ويسرع في المشي ليدركه ويساعده في حمل الحطب فألقى النار من يده ثم خشي أن يطفئها الريح فيحتاج إلى نار أخرى فأدخلها في باب الجحر ليسترها من الريح فأصابت الحطب فأضرمته ناراً واحترق ظالم في الجحر وحاق به مكره، فلما اطلع مفوض على أمر ظالم قال ما رأيت كالبغي سلاحاً أكثر عمله في محتمله، ثم صبر حتى
طفئت النار ودخل في جحره واستخرج جيفة ظالم فألقاها واستقرّ في مأواه وفوض أمره إلى مولاه.
أوصى علي كرم الله وجهه ابنه محمد فكان من وصيته له يا ني بئس الزاد للمعاد ظلم العباد، ولله در القائل:
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا ... فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك وعين الله لم تنم
وقال حكيم إذا كانت الإساءة طبعاً لم يملك لها إنسان دفعاً، يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم، من كثر تعديه كثرت أعاديه، الظلم سالب للنعم والبغي جالب للنقم، شر الناس من ينصر الظالم ويخذل المظلوم، من طلب راحة نفسه اجتنب الآثام ومن طلب راحة بنيه رحم الأيتام، من سالم الناس ربح السلامة ومن تعدى عليهم اكتسب الندامة، قال بعض الفضلاء أربعة ترفع عنهم الرحمة إذا نزل بهم الكروه من كذب طبيبه فيما يصف له من دائه، ومن تعاطى ما لا يستقل بأعبائه، ومن أضاع ماله في لذاته، ومن قدم على ما حذر من آفاته، وقال آخر العالم يعرف الجاهل لأنه كان قبل علمه جاهلاً والجاهل لا يعرف العالم إذ لم يكن قبل جهله عالماً، وقال حكيم رم ما شئت بالإنصاف وأنا زعيم لك بالظفر به، وقال الأحنف بن قيس السؤدد ترك الظلم والهبة قبل السؤال، وقال آخر اتخذ الناس أباً وأخاً
نام کتاب : نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن نویسنده : الشرواني، أحمد جلد : 1 صفحه : 189