وقال زكريا النيسابوري: قلت لأبي نواس: لم لا أرى في بيتك مصحفاً؟ فقال: النور والظلام لا يجتمعان.
وجاء شاعر إلى بشار بن برد، فأنشده شعراً ضعيفاً، وقال له: كيف تراه؟ فقال له: أحسنت، إذ أخرجته من صدرك، لو تركته لأورثك الفالج.
وتوعد بشار رجلاً بالهجاء، وكان ذلك الرجل زولقاً، فقال له: إن هجوتني صورتك على باب حمام، وجعلت خلفك قرداً يداعبك، فقال بشار: اللهم اخزه؛ أنا أمازجه، وهو يأبى إلا الجد.
ودخل أبو دلامة مصر، ثم انصرف منها إلى بغداد، فلقي أبا نواس، فقال له: كيف رأيت مصر؟ قال: رأيتها مقسمة على ثلاثة أقسام، قال: وما هي؟ قال: ثلث كلاب، وثلث دواب، وثلث تراب، قال: فأين الناس؟ قال: في الثلث الأول منها.
وكان ابن شآنة شاعراً ماجناً ظريفاً، فجاءه يوماً غلام، فقال له: علمني الزندقة، فقال له: نعم، ففعل به، فقال له: ما هذا؟ فقال: هذا أول باب من الزندقة.
ومرت امرأة بقوم وفي رجلها خف مقطع، فقال بعضهم، ما بال خفك يضحك؟ فقالت له: كذا يفعل إذا يرى القرانين.
ومرت امرأة بقوم، وفي يدها طبق مغطى، فقال لها بعضهم: أي شيء في الطبق؟ فقالت: فعلى أي شيء غطيناه؟ وقبل لأعرابي: أيسرك أن تكون أحمق ولك مائة ألف درهم؟ قال: لا، قيل: ولم؟ قال: لأن حمقة واحدة تأتي على المائة ألف درهم، وأبقى أحمق معدماً.
وتزوج عبادة امرأة، فأقامت عنده شهراً وولدت، فقال لها: ما هذا؟ فقالت: أنت عجنت على خميرة غيرك.
وسألت أشعب صديقة له خاتماً، فقال لها: وما تصنعين به؟ قالت: أذكرك به، قال: اذكريني بأنك سألتني، فمنعتك.
وجلس صبي مع قوم يأكلون طعاماً حاراً، فجعل الصبي يبكي، فقالوا: ما يبكيك؟ قال: الطعام حار، قالوا له: فاصبر حتى يبرد، قال: أنتم لا تصبرون.
وخرج غلام من منزله في يوم مطر شديد، فقالت له أمه: يا بني، هذا المطر كله على رأسك، قال: لا، يا أمي، أكثره على الأرض، ولو كان أكثره على رأسي ما عشت.
ونظر بعض الحكماء إلى غلام ومعه سراج، فقال له: من أين يجيء ضوء السراج؟ فقال له الغلام: إن أخبرتني أين يذهب إذا طفئ، أخبرتك من أين يجيء.
ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بصبيان يلعبون، وفيهم عبد الله بن الزبير، فهرب الصبيان، وبقي عبد الله واقفاً، فقال له عمر: لم لا تفر مع أصحابك؟ قال لم يكن علي جرم فأفر، ولا الطريق ضيق فأوسعه لك.
وأقبل المعتصم إلى خاقان يعوده من علة أصابته، والفتح يومئذ صبي، فقال له المعتصم: أيما أملح دار أمير المؤمنين أو دار أبيك؟ قال: دار أبي إذا كان فيها أمير المؤمنين.
وكان في يد المعتصم خاتم بفص، فقال له: رأيت يا فتح أحسن من هذا الفص؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، اليد التي الخاتم فيها.
وحكى محمد بن العباس قال: حدثني الفضل قال: عاتبت أم جعفر بحضرتها، وقال له: وجه إلى محمد وعبد الله خادمين خصيين يقولان لكل واحد منهما: ما يفعل معه، إذا أفضت الخلافة إليه؟ ففعلا، فأما محمد فإنه قال: أعطيك أموالاً، وأما عبد الله فإنه رمى الخادم بدواة، كانت بين يديه، وقال: يا ابن اللخناء، أتسألني ما أفعل معك يوم موت أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين، إني لأرجو أن أكون أنا وأنت فداء له، فرجعا بالخبر، فقال الرشيد لأم جعفر: ما أرى تقديم ابنك إلا ظلماً.
وقال بعضهم: رأيت أعرابياً في طريق مكة يسأل، ولم يعط شيئاً ومعه صبي صغير، فلما طال عليه الأمر، قال: ما أراك إلا محروساً، قال الصبي: يا أبت، المحروم من سألته فبخل، ولم يعط، فعجب الناس منه، ووهب له شيء كثير.
وجاء رجل إلى حمزة بن نصير فقال: أصلحك الله، إن أخي مات، وما عندي ما نكفنه، قال: والله ما حضر لي اليوم شيء، ولكن تفتقدني بعد هذا اليوم، فقال: فعسى أن تأمر لي بدرهم آخذ به ملحاً، قال: وما تصنع به؟ قال: أملحه لئلا ينتن حتى يتيسر الكفن إن شاء الله.
وتكلم عبد الله بن الزبير مع امرأة، فقال لها في بعض كلامه، أخرجي المال تحت استك، فقالت لمن حضر: سألتك بالله، هذا كلام الخلفاء؟ قالوا: لا، فقالت لابن الزبير: كيف ترى هذا الخلع الخفي؟