نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 597
وأخرج معها من نجا ممن خرج معها إلا من أحب المقام، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات وقال: تجهز يا محمد «ابن الحنفية»، فبلغها، فلما كان اليوم الذي ترتحل فيه جاءها حتى وقف لها، وحضر الناس، فخرجت على الناس، وودعوها وودعتهم وقالت: يا بنى، تعتب بعضنا على بعض استبطاء واستزادة، فلا يعتدين أحد منكم على أحد بشيء بلغه من ذلك، إنه والله ما كان بيني وبين على في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنا عندي على معتبتى من الأخيار .. وقال على: يا أيها الناس، صدقت والله برت، ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها لزوجة نبيك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الدنيا والآخرة. وخرجت يوم السبت لغرة رجب سنة ست وثلاثين، وشيعها علىٌّ أميالاً وسرح بنيه معها [1] يومًا. وبتلك المعاملة الكريمة من أمير المؤمنين على رضي الله عنه نراه قد اتبع ما أوصاه به نبي الأمة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عندما قال له: «إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر. قال: أنا يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: أنا؟ قال: نعم. قلت: فأنا أشقاهم يا رسول الله. قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها» [2]. وقد خالف الصواب من ظن أن خروج أم المؤمنين إلى البصرة كان لشيء في نفسها من على رضي الله عنه لموقفه منها في حديث الإفك حين رماها المنافقون بالفاحشة فاستشاره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في فراقها. فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك [3].
وهذا الكلام الذي قاله على إنما حمله عليه ترجيح جانب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لما رأي عنده من القلق والغم بسبب القول الذي قيل، وكان شديد الغيرة، فرأى على أنه إذا فارقها سكن ما عنده من القلق بسببها إلى أن يتحقق براءتها، فيمكن رجعتها، ويستفاد منه ارتكاب أخف الضررين لذهاب أشدها [4]. [1] تاريخ الطبري (5/ 581). [2] مسند أحمد (6/ 393) إسناده حسن. [3] البخاري رقم (4786). [4] دور المرأة السياسي: ص (462).
نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 597