نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 452
المؤمنين يقربك، ويخلو بك، ويستشيرك مع أناس من أصحاب رسول الله، فاحفظ عنى ثلاثًا: اتق الله ولا تفشين له سرًا، ولا يجربن عليك كذبة، ولا تغتابن عنده أحدًا [1] , وكان عمر يدخله مع أكابر الصحابة، وما ذلك إلا لأنه وجد فيه قوة الفهم وجودة الفكر، ودقة الاستنباط، وقد قال ابن عباس، رضي الله عنهما: كان عمر يسألني مع أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان يقول لي: لا تتكلم حتى يتكلموا، فإذا تكلمت قال: غلبتموني أن تأتوا بما جاء به هذا الغلام الذي لم تجتمع شئون رأسه [2] , وكان ابن عباس لشدة أدبه، إذا جلس في مجلس فيه من هو أسن منه لا يتحدث إلا إذا أُذن له، فكان عمر يلمس ذلك منه فيحثه، ويحرضه على الحديث تنشيطًا لنفسه، وتشجيعًا له في العلم [3].
وكان لعمر، رضي الله عنه، مجلس يسمع فيه الشباب ويعلمهم، وكان ابن عباس من المقدمين عند عمر، فعن عبد الرحمن بن زيد قال: كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إذا صلى السبحة وفرغ دخل مربدًا له [4] , فأرسل إلى فتيان قد قرءوا القرآن منهم ابن عباس، قال: فيأتون فيقرؤون القرآن ويتدارسونه، فإذا كانت القائلة انصرفنا، قال: فمروا بهذه الآية: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ - وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة:206، 207]، فقال ابن عباس لبعض من كان إلى جانبه: اقتتل الرجلان: فسمع عمر ما قال، فقال: وأي شيء قلت؟ قال: لا شيء يا أمير المؤمنين، قال: ماذا قلت؟ اقتتل الرجلان؟ قال: فلما رأى ذلك ابن عباس قال: أرى هاهنا من إذا أمر بتقوى الله أخذته العزة بالإثم، وأرى من يشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله، يقوم هذا فيأمر هذا بتقوى الله فإذا لم يقبل، وأخذته العزة بالإثم قال هذا: وأنا أشرى نفسي، فاقتتل [1] الحلية (10/ 318)، تفسير التابعين (1/ 376). [2] المستدرك (3/ 53) صحح إسناده الحاكم ووافقه الذهبي. [3] تفسير التابعين (1/ 377). [4] السبحة: الدعاء وصلاة التطوع، المربد: المكان يجعل فيه التمر.
نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 452