نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 332
ودللتم على الزاد، ألا أيها الناس إنما الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البر والفاجر، وإن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر، ألا إن الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً، والله واسع عليم، أيها الناس، أحسنوا في أعماركم تحفظوا في أعقابكم، فإن الله وعد جنته من أطاعه، وأوعد ناره من عصاه، إنها نار لا يهدأ زفيرها، ولا يفك أسيرها، ولا يجبر كسيرها، حرها شديد، وقعرها بعيد، وماؤها صديد [1].
ولو تأملنا في المقطع السابق لوجدنا أن عوامل التأثير في المدعوين تتمثل فيما يلي:
1 - صدق اللهجة النابع من إيمانه بما يدعو إليه، مما يجعل كلماته كأنها قبس من نفسه المشتعلة، وصورة من عواطفه المنفعلة، فهو لا يكاد ينطق بالجملة حتى تكون أسماعهم قد تلقفتها، وقلوبهم قد وعتها.
2 - تمتاز الألفاظ بالقوة، مع سهولتها وعذوبتها وسلاستها، كما أن عبارتها واضحة، وجملتها قصيرة، ولعل ذلك يسعف السامعين بإدراك المعنى المراد.
3 - المقابلة بين المعاني المتضادة مما يزيد المعنى وضوحًا، والسامع تأثرًا، ومن ذلك مثلاً: قوله: فإن الدنيا قد أدبرت وأذنت بوداع .. وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع، وقوله: وإني لم أر كالجنة نام طالبها .. ولا كالنار نام هاربها.
4 - الاقتباس من القرآن الكريم، كما في قوله: ألا إن الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً، والله واسع عليم، ذلك مقتبس [2] من قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:268].
5 - لقد كانت عناصر الخطبة المذكورة تتمثل في التأثر الشديد بالقرآن الكريم وبكلام الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وواقعيتها واتصالها الحميم بالحياة البشرية، وعمق المعاني وسموها وشمولها، والإجادة في تخير الألفاظ وبناء العبارة، والإيجاز، والتعبير عن المعاني والألفاظ بالصور، واعتماد الوسائل البديعة، وغاية القول، فإن هذه [1] البداية والنهاية (8/ 7). [2] منهج على بن أبي طالب في الدعوة إلى الله.
نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 332