نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 387
الدولة الأموية، ومع هذه النية المبيتة للحديث عن معاوية رضى الله عنه بالتفصيل، فلا يمنع من ذكر هذه القصة التى تبين خوفه وخشيته من الله تعالى، فعندما كان يروى فى مجلسه حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، من أمة محمد القارئ المرائى، والمنفق المرائى، والمجاهد المرائى، وبيَّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك وقال لأبى هريرة: "يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة" [1]، فكان معاوية يقول عندما يسمع الحديث: فقد فعل هؤلاء هذا فكيف بمن بقى من الناس؟ فقال الراوى: ثم بكى معاوية بكاء شديدًا، حتى ظننا أنه هالك، ثم أفاق ومسحِ عن وجهه، وقال: صدق الله، ورسوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16] [2].
إن شخصية معاوية رضى الله عنه وتاريخه فى خدمة الإسلام كان عاملاً مهمًا فى نجاح الصلح، ولا نزعم بأنه من طبقة الخلفاء الراشدين، المهديين، ولكنه من الملوك العادلين، كما أن سيرته غنية بالفقه السياسى والإدارى والعسكرى، والاقتصادى والاجتماعى، وهذا يحتاج إلى دراسة متأنية لعصره ونسأل الله أن يوفقنا إلى ذلك.
سابعًا: اضطراب جيش العراق وأهل الكوفة:
كان لخروج الخوارج أثر فى إضعاف جيش أمير المؤمنين على رضى الله عنه، كما أن الحروب فى الجمل وصفين والنهروان، تسببت فى ملل أهل العراق للحرب ونفورهم منها، وخاصة أهل الشام فى صفين، فإن حربهم ليس كحرب غيرهم، فمعركة صفين الطاحنة لم تفارق مخيلتهم، فكم يتمت من الأطفال ورملت من النساء، بدون أن يتحقق مقصودهم ولولا الصلح أو التحكيم الذى رحب به أمير المؤمنين على وكثير من أصحابه لكانت مصيبة على العالم الإسلامى لا يتخيل [1] رواه الترمذى والحاكم عن أبى هريرة، وصححه الألبانى، رقم (1713). [2] النهاية فى الفتن والملاحم (2/ 52).
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 387