responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 267
الدنيا قبل جنة الآخرة، فالرضا يوجب له الطمأنينة وبَرد القلب وسكونه وقراره، والسُّخط يُوجب اضطراب قلبه، وريبته وانزعاجه، وعدم قراره، والسُّخط يوجب تلون العبد، وعدم ثباته مع الله، فإنه لا يرضى إلاَّ بما يلائم طبعه ونفسه، والمقادير تجري دائماً بما يلائمه وما لا يلائمه، وكلّها جرى عليها منه ما لا يلائمه أسخطه فلا تثبت له قدم على العبودية، فإذا رضي عن ربه في جميع الحالات استقرت قدمه في مقام العبودية، فلا يُزيل التلوُّن عن العبد شئٌ مثل الرضا، والرضا يفرِّغ القلب لله، والسُّخط يُفرِّغ القلب من الله، فإنّ من ملأ قلبه من الرضا، ملأ الله صدره غنىً وأمناً وقناعة وفرّغ قلبه لمحبّته والإنابة إليه والتوكل عليه، ومن فاته حظُّه من الرضا امتلأ قلبه بضدّ ذلك واشتغل عمّا فيه سعادته وفلاحه، وبداية الرضا مكتسبة للعبد وهي من جملة المقامات، ونهايته من جملة الأحوال وليس مكتسبة، فأوَّله مقام ونهايته حال وقد مدح الله أهله وأثنى عليهم وندبهم إليه، فدلّ ذلك على أنّه مقدور لهم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً [1]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً. غفر الله له ما تقدم من ذنوبه [2]. قال ابن القيم: وهذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين، وإليهما ينتهي.
وقد تضمّنا الرضا بربوبيته سبحانه وألوهيته، والرضا برسوله، والانقياد له والرضا بدينه، والتسليم له. ومن اجتمعت له هذه الأربعة، فهو الصديق حقّاً، وهي سهلة بالدعوى واللسان، وهي من أصعب الأمور عند الحقيقة والامتحان، ولاسيما إذا جاء ما يخالف هوى النفس ومرادّها، من ذلك تبيّن أن الرضا كان لسانه به ناطقاً، فهو على لسانه لا على حاله.
ـ فارضا بإلهيته: يضمن الرضا بمحبته وحده وخوفه، ورجائه والإنابة إليه، والتبتُّل إليه، وانجذاب قوى الإرادة والحبّ كلها إليه، فعل الراضي بمحبوبه كلّ الرضا، وذلك يتضمّن عبادته والإخلاص له.

[1] مسلم رقم 43 (1/ 62).
[2] مسلم رقم 386 (1/ 290).
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست