نام کتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس نویسنده : عماد الدين الكاتب جلد : 1 صفحه : 279
وحكم فأحكم، وبرى فأبرم. واستشار وأسار، واستثار وأثار، واستورى زناد الآراء، وامترى مراد الأمراء. وقال: هذا العدو طغى واستكبر، وأصحى له الأفق وأفاق وأصحر. وقد تحرك بعد سكونه، وظهر بعد كمونه، وغرته عكاء فطمع في عسقلان، واسترق جانبنا الخشن الشديد عليه واستلان. وهذه جموعه بارزة، وكعوبه راكزة. وعوراته بادية، وثوراته عادية. ونكراته معروفة، وغدراته موصوفة.
وكنا نقول إذا برز نبارزه، وإذا خرج نناجزه. وإذا فارق مكانه نتمكن من تفريقه، وإذا رطب الطريق نركب إلى طريقه. وإذا توجه إلى موضع أوضعنا إلى مواجهته، وأغرينا ألسنة الأسنة بمشافهته ومشافهته. والآن ألان الله لنا الشديد، وأدنى علينا البعيد، وأخرج العدو من الضيق إلى السعة، وأبرزه من وراء الأسوار والخنادق الممتنعة، وإن لم نلقه في طريق مسيره؛ ونجد في التدبير لتدميره؛ وصل إلى عسقلان فصار لنا منها شغل عكاء وأصعب، وحينئذ نتعب، وصدعنا بها لا يشعب.
فقالوا: هو يسير بالبحر محتميا، وعن النهج منئيا، ويقصد الساحل الساحل، ويقتصر المراحل. والذي يلي الساحل في الطرق إما آجام وغياض غبقة متأشبة، وإما رمال وتلال ضيقة متكثبة. وهناك مواضع يمكن فيها مضايقته على المضايق، ومواقعته بالعوائق.
فتقدم السلطان إلى علم الدين سليمان بن جندر، وأمير من أهل الخبرة آخر بالمسير إلى تلك المناهج، ومشاهدة ما لها من المخارج والموالج. وكشف المواضع التي
يلقي فيها العدو، ويؤمل بمقاتلته فيها من الله النصر المرجو. فسارا ينفضان تلك المسالك، ويكشفان الأماكن التي تكون معارك، ونتخذها لمبار المرام مبارك، ولمدار المراد مدارك.
وعادا وقد ظفرا بقاع وبقاع. وعينا على أماكن ومكامن، ومواطئ ومواطن. ووقع الإجماع على الاجتماع، على اللقاء والقراع. في مذاهب تعينت، ومسارب تبينت. وسهول عرفت، ومروت وصفت. وصمم العزم على أن الفرنج إذا ساروا سرنا على عراضهم، واستقمنا على جدد الجد في اعترائهم واعتراضهم.