نام کتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس نویسنده : عماد الدين الكاتب جلد : 1 صفحه : 278
خلاص أصحابنا، وعرفنا بنجاتهم انتظام أسبابها؛ سمحنا لهم في الحال، بصليب الصلبوت والأسارى والمال.
وبقي الأمر واقفا إلى أن انقضى الأجل، وانتهى الترم الأول. وجاء الرسل وأبصروا الأسارى حضورا، والمال موزونا موفورا. وظنوا أن صليب الصلبوت قد أرسل إلى دار الخلافة فليس له وجود، فسألوا إحضاره وهم شهود. فلما أحضر، خروا له ساجدين، وأقروا به شاهين. وعرفوا أن الشرط بالوفاء مقرون، وأن الأداء بخلاص أسارنا مرهون. وظهرت علامات مكرهم، ولاحت أمارات غدرهم.
وفي يوم الأربعاء العشرين من رجب أخرج الفرنج إلى ظاهر المرج خياما ضربوها. وخرج ملك الانكتير إلى خيمته. ومعه خلق من خيالته ورجالته.
ذكر غدر ملك الانكتير وقتل المسلمين المأخوذين بعكاء
وفي عصر يوم الثلاثاء سادس عشر رجب ركبت الفرنجية بأسرها، وخرجت من مستقرها، وسارت بخيلها ورجلها، وجحفلها وحفلها. وجاءت إلى المرج الذي تل العياضية وتل كيسان، ونفذ اليزك وأخبر السلطان، وركبت العساكر نحوها متسابقة متلاحقة، وشامت صوارم صادفة، وعزائم صادقة. وكان الملاعين قد أحضروا أسارى المسلمين في الحبال واقفين. وحملوا عليهم وقتلوهم بأجمعهم، والقوهم على مصرعهم. فحمل عليهم العسكر وهامهم، وضرب بأمواجه أمواجهم. وقتل منهم خلقا، وأوسع فيهم خرقا. واستشهد منا كردى حميدي وبدوي، وكلاهما من الموصوفين بالشجاعة وهو من ماء الرحمة على الكوثر روى.
فلما انصرف العدو إلى خيامه، وركد الروع بمثار قتامه، شوهد المستشهدون بالعراء عريا، وإنما عروا ليكتسوا من حلل الجنان التي اكرمهم الله بها وشيا. ومضى الناس اليهم فعرفوا معارفهم، ووصفوا في سبيل الله مواقفهم. وما اكرمهم رجالا، أحسنهم في الشهادة والسعادة حالا.
ولما غدر الفرنج بسفك الدماء، وهتك ستر الوفاء، تصرف السلطان في ذلك المال، وبسط فيه يد النوال. وأعاد أسارى الفرنج إلى دمشق لتعاد إلى أربابها، وترجع إلى أيدي أصحابها، فإنهم جمعوا من أهل البلد للحاجة اليهم، فلما استغنى عنهم ردوا عليهم. وأعيد صليب الصلبوت إلى الخزانة، لا لإعزاز؛ بل لإهانة. فإن غيظ الكفار بحفظنا للصليب شديد، والمصاب به عندهم على مر الجديدين جديد. وقد بذل فيه الروم ثم الكرج بذولا، وأنفذوا بعد رسول رسولا، فما وجدوا قبولا، ولا صادفوا سولا.
وفي يوم الخميس الثامن والعشرين من رجب قوضت الفرنج خيمها وعبرت
النهر، وقاربت البحر. وضربت بينهم الخيام، وأنبتت من الرماح المركوزة على سباعها وضباعها الآجام. فقيل للسلطان ما حركة القوم إلا لقصد عسقلان. فجاشت همومه، وعب عبابه، واجتمع بناديه لإجاله قداح الرأي أصاحبه، وسح سحابه، وصح حسابه.
نام کتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس نویسنده : عماد الدين الكاتب جلد : 1 صفحه : 278