نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 94
وتوجه آخرون في طريقهم إلى كراكوروم وعلى رأسهم جنكيز خان وكان سوبوداي يسير إلى جانبه ويحدثه عن مغامراته في عالم الغرب وكرّس جنكيز خان بعد ذلك مابقي من حياته لتوطيد دعائم إمبراطوريته العظيمة، التي امتدت من كوريا حتى الخليج العربي، وجرى تنظيم الإدارة بصورة كاملة، دقيقة ومنظمة بإشراف الحكيم الصيني يلوي شو تسي وربما كان الشيء الأكثر إلفاتاً للنظر، في هذه الإمبراطورية تعدد الديانات، وقد جمع جنكيز خان حوله مستشارين من جميع الأديان وثنيين ومسيحيين وبوذيين ومسلمين [1]. 8 ـ الاستراتيجية المغولية: كان المغول على مقربة من الحضارة الصينية، لذا فإن تأثير الثقافة الصينية المتفوقة على المجتمع المغولي أمر لا يمكن إهماله، وهناك احتمال بأن يكون جنكيز خان قد تأثر، بالتفكير العسكري الصيني في مجال المحاربة وسبب ذلك أن جنكيز خان، بعد أن نجح في تدمير إمبراطورية كين الصينية، التي كانت تعرف بالإمبراطورية الذهبية أكره عدداً كبيراً من العلماء والعسكريين وأصحاب الحرف والفنون الصينيين على العمل في خدمته، وكان المغول ولا شك حتى قبل اجتيازهم لجدار الصين الكبير، قد تأثروا بمن كانوا يزورهم من الصينيين من تجَّار وعلماء ومنفيين سياسيين وعسكريين فارين من حاميات الحدود والسر في ذلك النجاح العجيب للمغول في قيادة الجيوش، هو تفهم الكامل لطبيعة الحرب، فلقد قاتلوا بدهاء غير معطين غير إمهال، ينتزعون المبادرة ويحتفظون بها دون تراخ أو مهادنة، ويعملون في نفس الوقت على تسكين مخاوف الخصم بحمله على شعور بالأمن الكاذب وذلك قبل أن يتحركوا منقضين عليه كالصاعقة، لقد كان المغول يعدون بعناية ودقة خططهم لكل حرب في المجلس العام (الكوريلتاي) الذي كان نوعاً من مجلس حربي أيضاً، لقد كانوا يرسلون العملاء والجواسيس إلى أراضي العدو ليأتوا بأعلام عن أموره العسكرية، والسياسية والاقتصادية، والجلوغرافية وكانوا يستعملون بحذق ودهاء تكتيكات ما يعرف اليوم باسم الرتل الخامس، ويتعاطون المحاربة النفسية، وقد استخدموا في الصين وأوربا الشرقية، سياسة الإرهاب الكلية، وادَّعوا في فارس وبلاد ما وراء النهر، بأنهم غضب الله وكان يترك لقادة الميدان، بعد وضع الخطة، كامل الحرية في استخدام مواهبهم ومبادراتهم، في نطاق حدود [1] المغول صـ359 للصياد.
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 94