نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 95
واسعة لتنفيذ الاستراتيجية العامة عند بداية فصل الحصاد، وبينما يكون الفلاحون في البلد الضحية، غارقين عاكفين على حصاد مزروعاتهم، وإذا بهم يفاجئون بنزول المغول عليهم كالجراد، لالتقاط حاجتهم من الحبوب،
ولإتلاف ما يزيد عن هذه الحاجة [1].
وقد وصف كاتب أوربي أسلوب القتال والمحاربة المغولية ووقعه على الأوربيون كما يلي: إن أوربا تدرك اليوم معنى المحاربة المغولية وأبعادها، كانت تعليمات جنكيز خان تقضي بأن يعم الرعب والهلع جميع الأرجاء عقب الضربة الأولى، وأن يعمّ الشلل الأرض ومن عليها بإثارة إحساس بالعجز التام كالذي تحدثه كارثة طبيعية لا رماد لها ولا وقاية منها، وبحيث يكون الشعور بأن كل مقاومة لن تكون سوى الجنون المطبق بعينه، إن الشياطين أخوان الشياطين، وقد أرسلهم الله غضباً ولعنة [2].لقد اظهر جنكيز خان للعالم بصورة دراماتيكية، وكشف عن القيمة الحقيقية للمزج العسكري من الاستعداد والإعلام، والانضباط، والحركية وضربة المطرقة والدروس المستفادة من حروب جنكيز خان من حيث الجوهريات لا تزال اليوم صالحة كما كانت في أيامه ولذلك أن واضعي نظرية القتال الميكانيكية الحديثة والداعين إلى حرب الدبابات ومنظريها، كالجنرال فوللر والسير ليدل هارت وآخرين قد لجأوا إلى حروب جنكيز خان، ليستوحوا منها التوجيه والإرشاد [3].
إن الدرس الجوهري الذي نتعلمه من الإستراتيجية المغولية وإنجازاتها العسكرية يتمثل في واقع أنه ما لم يكن الجيش مجبولاً ومشرباً بروحية واحدة شاملة من التفاهم، والانسجام، والمسعى الواحد والتكرس للهدف والغاية، ابتداء من القائد الأعلى حتى جندي الصف، فإن ذلك الجيش لا يستطيع أن يقاتل ويفوز [4].
لقد تميز التخطيط الاستراتيجي المغولي بالتركيز على المؤسسة العسكرية والتي اشتهرت بالعمليات الحركية السريعة الخاطفة، واستعمال الخداع والمخاتلة على سلم كبير وإخضاع المجتمع كله لأغراضها الخاصة وجني طاقة عمل ضخمة من شدة الانضباط والتقيد بالقوانين والسهر على تطبيقها، وتتميز هذه العسكرية أيضاً في الأمور التالية:
ـ تأمين الإعلام الاستراتيجي اللازم لمناورات المخادعة والتضليل، بقصد تشتيت العدو. [1] جنكيز خان صـ167. [2] جنكيز خان صـ168. [3] المصدر نفسه صـ 169. [4] المصدر نفسه صـ171.
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 95