نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 223
خيرت أمرين ضاع الحزم بينهما ... إما صغار وإما فتنة عمم
وقد هممت مراراً أن أساجلهم ... كأس المنية لولا الله والرحم
وفعل الأمين ذلك مع أخيه المأمون فأدى ذلك للفتنة الشعواء التي كانت بين سنة 194هـ إلى 198هـ قاست الأمة في أثنائها مصاعب هائلة ولم يوجد منهم من هاب ذلك الفعل محافظة على العهود والمواثيق ومن البديهي أن أمثال هذه العهود ليست قاصرة على المتنازعين بل تتعداهم إلى القادة والأمراء، فهؤلاء ينشقون أيضاً ويستسهلون الإقدام على فك تلك القيود التي حلفوا الإيمان الوثيق على الوفاء بها، وكتب الرشيد أماناً ليحي بن عبد الله وأكد فيه غاية التأكيد ولما إرتاب منه، صار يبحث في الوجوه التي يبطل بها الإيمان، وجعل فقهاء وقته الواسطة في ذلك، فمنهم من أبت عليه شيمته ودينه أن يسترسل في الدين مع الأهواء، ومن سارع إلى هوى الخليفة، وصار يبدي الأوجه التي ينتقص منها الأماني، كل هذا من العيوب التي شقت عصا البيت وتعدت إلى فرقة الأمة فأضعفت عصبية الدولة وآل الأمر لخلفائها إلى أن تكون قوتهم مستمدة من المتغلبين عليهم [1]. 7 ـ ضعف همم ملوك الأطراف: في مقابل قوة هؤلاء المغول وشدة بأسهم وإجتماع كلمتهم فقد ساهم في سرعة إنتشارهم وسيطرتهم على مدن العالم الإسلامي وحواضره ضعف ملوك الإسلام في تلك الفترة بعامة، وإنشغالهم عن الجهاد باللغو واللعب، وهذا المؤرخ ابن الأثير ـ يرحمه الله ـ ينعي على الإسلام وأهله، ويصف أحوال ملوكه قبيل وفاته بسنتين فيقول معلقاً على أحداث سنة 628هـ ما نصه: "فالله تعالى ينصر الإسلام والمسلمين نصراً من عنده، فما نرى في ملوك الإسلام من له رغبة في الجهاد، ولا في نصرة الدين، بل كل منهم مقبل على لهوه ولعبه وظلم رعيته، وهذا أخوف عندي من العدو، وقال تعالى: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منك خاصة" (الآية، الآية: 25) " [2]. وليست أوضاع الخلافة العباسية ولا الخلفاء العباسيين بمعزل عن هذا الوضع المتردي، فقد انحسر سلطان الخلافة وإنكمشت حدود العباسيين، واستقل غيرهم بالسلطة في حكم أجزاء من العالم الإسلامي، وهو أمر لم يكن سائغاً في ظل حكم الدولة الأموية، هذا فضلاً [1] الدولة العباسية صـ490. [2] الكامل في التاريخ (12 ـ 497)، كيف دخل التتار بلاد المسلمين صـ39.
نام کتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 223