responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 219
وحين رآه عمر بن الخطاب صلب العود وقوي البدن، جربه تجربة عملية ليرى أي نوع من الرجال هو، فعرض عليه خزائن المال وخزائن السلاح، فاختار السلاح وعف عن المال، وتفضيل السلاح على المال من مزايا القائد الذي يتغلغل حب الجندية في أعماق نفسه. وقد تولى قيادة كردوس في معركة (اليرموك) الحاسمة وهو ابن أربع وعشرين سنة، مما يدل على ظهور سماته القيادية مبكرا وهو في ريعان الشباب، وولاه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عجم (الجزيرة) إداريا وقائدا، وليس من السهل أن يولي عمر كل إنسان مثل هذا المنصب الرفيع؛ لأن عمر كان يلتزم بصفات معينة في القائد قل أن تتوافر في الرجال، أخيرا ولاه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (أرمينية) و (أذربيجان) وهي مناطق شاسعة وقيادة مهمة للغاية، نظرا لشدة شكيمة أهلها ولبعدها عن قواعد المسلمين الرئيسية والمتقدمة [1].
ومارس القيادة والإدارة في عهد عثمان - رضي الله عنه -، ولقد كان شجاعا غاية الشجاعة، مقداما غاية الإقدام؛ لما توجه لقتال (الموريان) كان في ستة آلاف، وكان (الموريان) في سبعين ألفا، فقال حبيب لمن معه: إن يصبروا وتصبروا فأنتم أولى بالله منهم، وإن يصبروا وتجزعوا فإن الله مع الصابرين، ولقيهم ليلا، فقال: اللهم أجل لنا قمرها، واحبس عنا مطرها، واحقن دماء أصحابي، واكتبهم شهداء، ففتح الله له [2]. فكان من أسباب انتصاره على عدوه -بالإضافة إلى عامل الإيمان- هو الهجوم الليلي الذي باغت به العدو، وجعل معنوياته تنهار ثم يولي الأدبار [3]. وكان مثالا شخصيا حيا لرجاله من الشجاعة والإقدام، فقد كان يقود رجاله من الأمام، يقول لهم: اتبعوني، ولا يبقى في الخطوط الخليفة مؤثرا السلامة والعافية، وحين عزم أن يبيِّت (الموريان) سمعته امرأته يذكر ذلك، فقالت له: وأين الموعد؟ فقال: سرادق موريان أو الجنة. وبيَّت حبيب عدوه وقتل من صادفه في طريقه، فلما أتى السرادق وجد امرأته قد سبقته إليه [4]. فلم يكن وحده بطلا يضرب لرجاله بأعماله البطولية أروع الأمثال، بل كانت امرأته بطلة يقتفى الأبطال آثارها في التضحية والفداء [5].
وكان يستشير رجاله ويتقبل مشورتهم، وكان لا يستأثر بالرأي دونهم، بل كان يتصنت ليتلقف آراء رجاله، ويطبق ما رآه حسنا، وينفذ ما يجده صوابا، بالإضافة إلى عقد مؤتمرات الشورى قبل المعارك وفي أثنائها وبعدها؛ فقد سمع يوما أحد رجاله يقول: لو كنت ممن يسمع

[1] تولى (أرمينية) و (أذربيجان) وعمره ثلاث وثلاثون سنة.
[2] تهذيب ابن عساكر (4/ 37).
[3] قادة الفتح الإسلامي في أرمينية، ص189.
[4] قادة الفتح الإسلامي في أرمينية، ص189.
[5] قادة الفتح الإسلامي في أرمينية، ص189.
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست