نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 220
حبيب مشورته، لأشرت عليه بأمر يجعل الله فيه لنا نصرا وفرجا إن شاء الله، واستمع حبيب لقوله، فقال أصحابه: وما مشورتك؟ فقال: أشير عليه أن ينادي بالخيول فيقدمها، ثم يرتحل بعسكره فيتبع خيله، وتوافيه الخيل في جوف الليل، وينشب القتال، ويأتيهم حبيب بسواد عسكره مع الفجر، فيظنون أن المدد قد جاءهم فيرعبهم الله، فيهزمهم بالرعب [1]. ونادى حبيب بالخيول، فوجهها بليلة مقمرة مطيرة، ثم ارتحل وراء خيوله، ولكنه عاد إلى عدوه في السحر، فحمل وحمل أصحابه فانهزم العدو وأصابوا غنائم كثيرة [2].
كان حبيب صاحب كيد، يفكر ويقدر، ثم يستشير رجاله ويستطلع ساحة القتال، ويحصل على المعلومات المستفيضة عن العدو، ثم يبني بعد ذلك خطته العسكرية على هدى وبصيرة.
إن أعمال حبيب الجهادية خطط مدبرة ولم تكن خططا ارتجالية، لذلك رافق النصر أعلامه في أخطر ساحات القتال في الفتح، وبالإضافة إلى تلك المزايا أو قبلها كان حبيب مؤمنا حقا صادق الإيمان، وكان إذا لقى عدوا أو ناهض حصنا يحب أن يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم [3].
لقد كان حبيب قائدا فذًّا، جمع مزايا القائد الفذ: الطبع الموهوب، والعلم المكتسب، والتجربة العلمية [4]، والثقة بالله القوي العزيز.
إن حبيب بن مسلمة أسدى للفتح الإسلامي خدمات لا تنسى، فهو بدون شك من ألمع قادة الفتوح في عهد عثمان - رضي الله عنه -، وقد توفى هذا القائد الفذ سنة اثنتين وأربعين هجرية, فكان عمره يوم توفى أربعًا وخمسين سنة قمرية، وكانت حياته قليلة في تعداد السنوات، كثيرة في تعداد جلائل الأعمال، قصيرة في عمر الزمن، باقية آثارها على مر الدهور وتوالي السنين والقرون. رضي الله عن الصحابي الجليل، الإداري الحازم، السياسي المحنك، القائد الفاتح، حبيب بن مسلمة الفهري [5].
* * * [1] تهذيب ابن عساكر (4/ 37) [2] قادة الفتح الإسلامي في أرمينية، ص190. [3] تهذيب ابن عساكر (4/ 3). [4] قادة الفتح الإسلامي في أرمينية، ص192. [5] المصدر نفسه، ص187.
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 220