نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 63
رسالة طغرل بك إلى الأمير علم الدين أبي المعالي قريش بن بدران: ... ولكل مُجْترم في العراق عفونا وأمننا مما بدر منه إلا البساسيري فإنه لا عهد له ولا أمان منّا، وهو موكول على الشيطان وتساويله فقد أرتكب في دين الله عظيماً، وهو -إن شاء الله- مأخوذ حيث وجد ومُعذَّب على ما عمل، فقد سعى في دماء خلق كثير بسوء دخيلته، ودلَّت أفعاله على سوء عقيدته.
وكتب في رمضان سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وبعث بهذا الكتاب مع رسولين من أهل العمل وبعث معهما بتحف عظيمة للخليفة وأمرهما أن يخدما الخليفة نيابة عنه، جزاه الله عن الإسلام خيراً، ولما وصل الكتاب إلى قريش بن بدران، استعلم أخبار الملك طغرل بك من الرسل وغيرهم، فإذا معه جنود عظيمة، فخاف من ذلك خوفاً شديداً، وبعث إلى البريّة فأمر بحفر أماكن للماء وتجهيز علوفات كثيرة إلى هناك ونفَّذ الكتاب والأخبار إلى البساسيريَّ، فانزعج لذلك البساسيري، وخارت قوته وضعف أمره، وبعث إلى أهله فنقلهم عن بغداد وأرصد له إقامات عظيمة بواسط وجعلها دار مقرته، ووافق على عودة الخليفة إلى بغداد، ولكنه اشترط شروطاً كثيرة لتُذهب خجله. ولما انتقل أهل البساسيريَّ من بغداد وصَحِبَهم أهل الكرخ والروافض، وانحدروا في دجلة إلى واسط كان خروجهم عن بغداد في سادس ذي القعدة من هذه السنة وفي مثله من العام الماضي دخلوا بغداد، وعند ذلك ثار الهاشميون وأهل السنة من باب البصرة إلى الكرخ، فنهبوه وأحرقوا منه محالَّ كثيرة جداً انتقاماً لما فعل الروافض فيهم، واحترق من جملة ذلك دار العلم التي وقفها الوزير أردشير من مدة سبعين سنة وفيها من الكتب شيء كثير، وكان من جملة ما احترق درب الزعفران، وفيه ألف ومائتا دار لكل دار منها قيمة جليلة عظيمة، وترحَّل قريش بن بدران إلى أرض الموصل وبعث إلى حديثة عانة يقول لأميرها مُهارِش بن مُجَليَّ الذي سلم إليه الخليفة: المصلحة تقتضي أن الخليفة تُحوَّله إلىَّ حتى نستأمن لأنفسنا بسببه، ولا تُسلمه حتى تستأمن لنا وتأخذ أمانا في يدك دون يَدِي. فامتنع عليه مُهارشُ وقال: قد غرّني البساسيري، ووعدني بأشياء فلم أرها، ولست بمرسله إليك أبداً، وله في عنقي أيمان كثيرة لا أعذرها.
وكان مُهارِشٌ رجلاً صالحاً ثقة أميناً رحمه الله، فقال للخليفة: من المصلحة أن نسير إلى بلد بدر بن مهلهل ونظرنا لأنفسنا، فإنا نخشى من البساسيري أن يأتينا فيحضرنا. فقال له الخليفة: افعل ما فيه المصلحة. فسار في الحادي عشر من ذي القعدة إلى أن حلا بقلعة تَلَّ عُكْبَرَا فلقيته رسل السلطان طغرل بك بالهدايا والتُحف التي كان أنفذها إليه وهو متشوق إليه كثيراً [1] وجاء في رواية: أن الإمام القائم رأى- في الليلة التي أطلق في [1] البداية والنهاية (15/ 769).
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 63