نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 413
قوله: أفلا ينبغي أن يبالي بلوازم الأمر بالمعروف ومنتهاه تجنيد الجنود في رضا الله ودفع معاصيه. ونحن نجوز للآحاد من الغزاة أن يجتمعوا ويقاتلوا من أرادوا من فرق الكفار قمعاً لأهل الكفر، فكذلك قمع أهل الفساد جائز لأن الكافر لا بأس بقتله، والمسلم إن قتل فهو شهيد، فكذلك الفاسق المناضل عن فسقه لا بأس بقتله، والمحتسب المحق إن قتل مظلوماً فهو شهيد وكذلك قوله: الشرط الخامس «من شروط المحتسب»: كونه قادراً ولا يخفى أن العاجز ليس عليه حسبه إلا بقلبه إذ كل من أحب الله يكره معاصيه وينكرها. وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: جاهدوا الكفار بأيديكم فإن لم تستطيعوا إلا أن تكفهروا في وجوههم فافعلوا [1]. وكذلك قوله: فنقول: وهل لشارب الخمر أن يغزو الكفار ويحتسب عليهم بالمنع من الكفر؟ فإن قالوا: لا، خرقوا الإجماع إذ جنود المسلمين لم تزل مشتملة على البر والفاجر وشارب الخمر وظالم الأيتام ولم يمنعوا من الغزو ولا في عصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا بعده [2] ... والذي يبدو من معالجة الغزالي للقضايا الاجتماعية المختلفة أن موقفه من الجهاد اتصف بأمرين اثنين:
الأول: إن مفهوم الجهاد عند الغزالي ليس دفاعاً عن أقوام وأوطان وممتلكات، بل هو وسيلة لحمل رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي هي السبب الحقيقي لإخراج الأمة المسلمة إلى الوجود, ومادام المجتمع الذي عاصره الغزالي قد توقف عن حمل هذه الرسالة وفسح للمنكر أن يشيع فيه واستساغت أذواقه هذا المنكر ... وانتهت جماهيره عند الملبس والمأكل والمنكح كما وصفهم المؤرخ أبو شامة، فإن أية دعوة للجهاد العسكري لن تكون ذات فائدة إلا إذا سبقه جهاد نفسي يبدل ما بأنفس القوم ويجعلهم يتذوقون معنى التضحية بالأنفس والأموال في سبيل الله.
الأمر الثاني: إن الغزالي كان واعياً بمفهوم الجهاد الشامل والمراحل التي تطبق فيها مظاهرة. فالجهاد له مظاهر ثلاثة هي: الجهاد التربوي, والجهاد التنظيمي، والجهاد العسكري. والفهم الصائب لهذه المظاهر الثلاثة وحسن ترتيبها وتوقيتها هو أحد مظاهر الحكمة التي جعلها الله أولى طرق الدعوة إليه حين قال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]. فالدعوة إلى الجهاد العسكري وندب العامة له في أمة متوفاة يدور فيها «الأفكار والأشخاص» في فلك «الأشياء» ستكون بمثابة استنفار الأموات الذين في القبور [3]. إلى أن قال: ... لعل هذا الاستعراض يتضمن الجواب عن الاعتراض [1] الغزالي بين مادحيه وناقديه (2/ 144) , هكذا ظهر جيل صلاح الدين، ص 144. [2] هكذا ظهر جيل صلاح الدين، ص 144, إحياء علوم الدين (2/ 309). [3] هكذا ظهر جيل صلاح الدين، ص 146.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 413